تجربة عشر سنوات بعد سقوط النظام الطاغي , كافية لتقييم حكم الاحزاب الاسلامية , والحكم على تجربتها , من خلال استلامها مقاليد الحكم وعلى مفاصل الدولة الحيوية , فقد قدمت من خلال تجربتها السياسية , أسوأ نموذج للدولة الفاشلة , فقد عجزت واخفقت في مجابهة التحديات السياسية , من حيث المرونة السياسية والتعامل السياسي الناجح , بالمسؤولية والحرص والواجب الوطني , وتثبيت العدل والانصاف ورفع الظلم عن المظلومين والمحرومين , وتمثلت بغياب النضج والادراك السياسي , وغياب الرؤية لبناء الدولة ,والقيام بالاصلاحات المطلوبة والتغيير الذي يخدم امال وتطلعات الشعب , نحو العيش الكريم وحفظ الكرامة الانسانية , لقد انصب نشاطها وعملها وجهدها باللهاث والركض وراء بريق السلطة والمال والشهرة , وتكريس المنافع الذاتية والحزبية الضيقة , والفشل في عملية التوافق السياسي بين الشركاء السياسيين , فقد كان اسلوب المراوغة واللف والدوران والاسقاط وتهميش الاخرين , وتعمق هذا النهج اكثر ضراوة وحدة وخطر , عند صعود نجم السيد المالكي الى مقاليد الحكم , وانتهاج اسلوب تاجيج الخلافات وتعميق الصراع السياسي , بعقد مساومات وصفقات خلف الكواليس في سبيل الاستحواذ على القرار السياسي والاحتفاظ بالكرسي وتجديد ولايته , والانفراد نحو حكم الفرد , والاحتفاظ بالكعكة والغنائم ,والابتعاد كليا عن تلبية حاجات ومتطلبات الشعب , فقد انخرط في مقومات دولة الحزب الواحد الفردي , والذي جوبه بعاصفة من الخلاف والخصام حتى داخل الاحزاب الشيعية ,وتميزت فترة حكم المالكي بتوسع العمليات الارهابية , والاخفاق الذريع في الملف الامني , وكذلك ممارسة سياسية الانقلاب على جميع اطراف العملية السياسية , والانفراد باتخاذ القرار السياسي الذي يتحكم بمصير الوطن والشعب , دون مشورة الاخرين , ووضع مصالح حزبه فوق كل اعتبار , ففي الوقت الذي يحترق فيه العراق ويدمر استقراره بانهيار الوضع الامني الى اقصى حدود الانهيار , نجد السيد المالكي يجوب المحافظات , التي شطبها من قاموسه السياسي لاكثر من اربع سنوات , نراه هذه المرة مشغول بترويج لقائمة حزبه , بينما الدم العراقي ينزف في كل المدن العراقية , دون ان يبدي حتى تعاطف ممسوخ وكاذب , ان هذا الاسلوب المدان والخطير بوضع مصالح حزبه فوق مصالح الوطن والشعب ويمثل نهج استفزازي لمشاعر الضحايا وعوائلهم , هذا يثبت ان دماء العراقيين رخيصة امام احتفاظه بالكرسي , ان المناخ السياسي يتجه الى مسالك التعقيد والاحتقان , الذي بات يهدد بانهيار العملية السياسية بالكامل , والاخطر من ذلك مساعيه الحثيثة , في ضرب هيبة البرلمان في الصميم , وحرمانه من لعب دور فعال في الحياة السياسية , باعتباره السلطة التشريعية , والاستخفاف بقراراته وتوصياته وتشريعاته , وعدم تلبية طلبه بالمجي الى قبة البرلمان لبحث قضايا حيوية وخطيرة تهم الشأن العراقي , ومنع النواب من ممارسة عملهم السياسي خارج البرلمان , بحجة ان الحصانة البرلمانية محصورة داخل جدران البرلمان ,يعني مصادرة حرية التعبير والرأي , اذا كان هذا يخص عضو البرلماني , فكيف الحال للمواطن البسيط وما تكون المصيبة اذا كان له رأي مخالف او معارض , فان مذكرة القاء القبض عليه تكون جاهزة , ان فترة حكم السيد المالكي تميزت بغياب تلبية الحاجات الاساسية للمواطن . مثل انعدام الرعاية الاجتماعية والصحية , تزايد اعداد الفقراء والعاطلين عن العمل , التضيق على الحياة العامة , وتسييد الخطاب الطائفي , وفقدان البرنامج السياسي لبناء دولة القانون , وعدم احترام الدستور , وانتهاج سياسية كسر العظم , وشيوع العنف السياسي , والسماح لدول الجوار بالتدخل بالشؤون الداخلية , واتباع اسلوب الاحتكار السياسي وتهميش الاخرين , وممارسة سلوك الكسب المالي غير المشروع , وتمزيق وتفتيت وحدة الوطن , وتبعثر موارد البلاد المالية دون ان تحقق التطور والنهوض الاقتصادية , ودون تحسين الظروف المعيشية , ان الامور تتجه الى دهاليز مظلمة ومجهولة , يدفع ثمنها الوطن المنكوب.