أقوى أمة في الأرض ألقت "أم القنابل" في أفغانستان , وهي رسالة واضحة على أن أمهات الدمار الفتاك على وشك الإنطلاق من معاقلها.
فالسلوك البشري يخضع لقوانين فسلجية لا يمكنه أن يتخطاها , فالبشر لا يمكنه أن يشد قبضته إلى الأبد , وإنما ذلك محكوم بزمن فسلجي محدد , ولا توجد قوة في تأريخ البشرية إمتلكت قدرة ما وقبضت عليها إلى الأبد , وإنما السائد هو التعبير عن القوة والسطوة بإستخدام القدرات المتوفرة.
وهذا يعني أن ما يحصل في بقاع العالم من بشاعات إجرامية تتناقلها وسائل الإعلام والتواصل الإجتماعي , إنما هي مقدمات لتأهيل النفوس والرؤوس على الفظاعات المنتظرة من إسقاط القنابل النووية وما بعدها , ذات المحق المطلق للموجودات بأنواعها فوق بقاع كبيرة من الأرض.
ومن الواضح أن المضي بترخيص أرواح البشر وتحويلهم إلى أرقام , بل وإلى جراثيم يجب تطهير الأرض منهم , إنما يقع ضمن هذا التأهيل الذي ينتظر إنفلات القوة الهائلة , التي تسعى لتحويل العديد من بقاع الأرض إلى سقر.
ومن المعروف أن جميع الديمقراطيات تمتلك قدرات تدميرية فتاكة , فحتى الديمقراطيات الهندية والباكستانية إمتلكت قدرات التدمير الشامل , وبهذا فقط تحافظ على ديمقراطياتها , أما المجتمعات المهانة المدمرة الخالية من أبسط القدرات العسكرية , فأنها لا يمكنها أن تبني نظاما ديمقراطيا , وإنما يتحقق فيها ما تحقق في العراق وليبيا واليمن , فالديمقراطيات بحاجة إلى قدرات عسكرية هائلة للحفاظ عليها , ولو أن أي دولة ديمقراطية من الأمم المتقدمة فقدت قدراتها العسكرية والتدميرية , فأنها ستتحول بين ليلة وضحاها إلى وجود متوحش متصارع , كما يحصل في مجتمعاتنا المتوهمة بالديمقراطية.
ويبدو أن حقن الديمقراطية في بدن هزيل يعني إعداد ذلك البدن للموت والإنمحاق , وتحويله إلى سوح للضربات التدميرية النووية وأخواتها , أي أن المنطقة التي ستكون مؤهلة لهذه الضربات ربما هي منطقة الشرق الأوسط , وخصوصا سوريا وليبيا واليمن والعراق , وذلك لتوفر الظروف والمسوغات التي تدفع إلى هذا الإجراء , بحجة أن المشاكل تزداد تعقيدا ولا تجد حلا , وأن كل ما فيها يتعضل , ولابد من الضربات الماحقة لإنهاء الصراعات.
فهذا ما برر إلقاء القنابل النووية على ناكزاكي وهوروشيما , بذريعة أن آخر الدواء الكي , فما دام العرب غير قادرين على حل مشاكلهم , ويشغلون الآخرين بها فأن الحل الأمثل سيكون بالكي , وهو السلاح النووي الذي تعب من الإنتظار , وما عادت اليد قادرة على الإستمرار بالإنقباض , وأنها صارت قاب قوسين أو أدنى من الإنبساط المروع المدجج بالوعيد.
ليس توهما وتخيلا ما تقدم , أو تثبيطا وتخويفا , وإنما قراءة لتحصيل حاصل , ذلك أن العرب يسعون إلى حتفهم , وكأنهم يتوسلون الآخرين بالقضاء على وجودهم , وأقصر الطرق هو السلاح النووي الرهيب!!!
ولربما سيجد العرب أنفسهم أمام تهديد حاسم , يأمرهم بحل مشاكلهم أو سيكون مصيرهم هشيما لقنابل الأبابيل النووية التي ستحيلهم عصفا مأكولا!!!
فهل ستستيقظ أم الغوافل , وتدرك معنى أم القنابل وأبو القنابل؟!
مقالات اخرى للكاتب