العراق تايمز: كتب الدكتور حيدر محسن جارالله
واحدة من اهم النصوص القرانية التي ارى انها تساعد أنصار الخلق المستقل في دعم دعواهم و التي جعلتني أراجع الموضوع بدقة متناهية و لشهور هي الآيتين ٢٨ و ٢٩ من سورة الحجر
فلنراجع النص
وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِّن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ (28) فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ (29)
ان النص يتحدث عن خلق من الصلصال و تسوية و نفخ روح ؟
ما هذا هل يعقل ان العملية بهذه التعاقب الذي يوحي بالخلق الفوري و المباشر ؟
و فعلا لجات الى ما يدعوه المتخصصون بالتفسير الموضوعي و يقصد به البحث عن جميع الآيات المتعلقة و ربطها ببعض و قد أفادني كثيرا و عندها وجدت ضالتي و في نفس الموضوع في سورة اخرى هي سورة السجدة
و ما اجمل ما وجدت !!
الآية ذاتها لكنها بتفصيل يزيل كل شك عن النشوء و الارتقاء على الأقل في نظري و يجعلني اؤيد النظرية بشكل شبه قاطع .
اقرأوا معي النص الآتي و بتمعن رجاءً :
الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسَانِ مِنْ طِينٍ (7) ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ (8) ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ (9)
انظروا الى تفصيل النص و عظمته
الذي بدأ خلق الانسان من طين ... انه يفصل ان بداية الخلق كانت من الطين و العبارة توحي بان وراء هذه البداية ما وراءها و انها عملية متصاعدة .
و بعدها انظر الآية التالية ثم جعل نسله من سلالة من ماء مهين ( و هنا انتبهوا جيداً ) ثم سواه و نفخ فيه من روحه !!!
ما هذه العظمة !!! التسوية و النفخ تأتي بعد ان اصبح هذا المخلوق يتناسل عن طريق التزاوج الجنسي .. اي ان العملية تقتضي اجيالا و اجيال بين كل مرحلة و اخرى هذا اولا
ثانيا ان ثم ( حرف العطف ) كما يعرفها الجميع تفيد الترتيب مع التراخي و لك ان تفهم ما يعنيه التراخي في اللغة
ثالثا ما هي التسوية و ما هو نفخ الروح ؟
الذي لا شك فيه ان التسوية هي غير الخلق و الدليل من القران ايضا
انظر الآيات التالية
قوله: {الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى} [الأعلى: 2- 3].
و قوله { الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ (7) فِي أَيِّ صُورَةٍ مَّا شَاءَ رَكَّبَكَ (8)} [ الانفطار: 7-8 ]
التسوية غير الخلق و لو كانا واحدا لاصبحت العبارات القرانية الماضية و حاشاها تكرارا و لغوا
فلا معنى لقوله الذي خلق فخلق على سبيل المثال
و في الانفطار النص يتحدث عن ثلاثة مراحل الخلق و التسوية والعدل.
حسنا فالسجود مرتبط بمرحلة التسوية و النفخ و هي مرحلة لاحقة على الخلق و هذا لوحده دليل على ما ( سبق و ناقشناه ) في المقال السابق .
اما نفخ الروح فهو امر لاحق بالضرورة و الروح هذه ليست الحياة و انما امر اعظم سنتطرق له فيما بعد و الدلالة التقديس حين أضافها عز من قائل اليه فقال ( روحي )
لقد حلت آيات السجدة الاحجية في آيات الحجر و اصبح واضحا ان العملية التطورية اقرب الاحتمالين للآيات الكريمة
قد يبرز هنا سؤال ذو فذلكة نحوية فيأتي احدهم ليقول :
في آيات الحجر حرف العطف كان الفاء ( فاذا سويته ) و هو يفيد الترتيب مع التعقيب ؟
و الجواب جد بسيط و من النحو ايضا فالنحاة يقولون ان حرف الفاء قد يفيد الترتيب فقط دون تعقيب كما في قوله تعالى ( فَرَاغَ إِلَىٰ أَهْلِهِ فَجَاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ (26) فَقَرَّبَهُ إِلَيْهِمْ قَالَ أَلَا تَأْكُلُونَ (27) )
و عليه حل الأشكال فالفاء لا تقتضي دوما التعقيب اي التتابع المباشر و هنا تنسجم الآيات في الحجر و السجدة .
الاحجية بنظري حلت و قطع هذه الاحجية قد جمعت بمعونة الله أولاً و بواسطة الاستعانة بالقران من اجل القران .
شكرًا لمنهج التفسير الموضوعي
و شكرًا لكل من تحمل اطالتي منكم
و لكن تذكروا لنا وقفة مع اية اخرى يحتج بها أنصار الخلق المستقل .
و تذكروا ان موضوع الخلق و التسوية سيكون لنا فيه عودة في احاديث لاحقة من هذه السلسلة .
و لنا تتمة
أشكركم ثانية
