تداولت المواقع الخبرية ومواقع التواصل الاجتماعي،هذه الايام اخبارا متواترة،عن قرب دخول الدواعش الى بغداد ،وان هناك عشرة الاف على بعد خطوات من قلب العاصمة، فيما يقف الالاف خلف البوابات ،وان مطار بغداد اصبح تحت مرمى النيران ،وان الامريكان تمكنوا من طرد الدواعش من محيط المطار ،وان حزام بغداد سيطبق على مدينة الصدر والشعلة ،وسينزح ملايين السكان ،وتنصب راية داعش في الكاظمية ،وفي سيد ادريس ،وفي منطقة الخمسة وخمسين او ساحة مظفر.
ورغم ان ما يشاع عن قرب وصول الدواعش الى بغداد ودخولها كمهرجين وسفاحين وقاتلين،لا يمثل كل الحقيقة ولا نصفها ولا حتى مقدار مثقال حبة خردل منها،انما يمثل رهانا خاسرا ،يعتمد منهج أثارت الفوضى واشاعة روح الاحباط واليأس عند أكثرية ابناء الشعب العراقي ،وهذا التهويل اسلوب قديم من اساليب الحرب النفسية، ويصب ايضا في خانة الحصول على مكاسب ومغانم مادية ومعنوية،وقد يكون الامريكان الطرف الاكثر تحمسا مع الدواعش والدول العربية وابناء الاقلية السنية "الا ما ندر منهم"لمثل هذه الاخبار.
ومع فرضية قرب داعش من بغداد،فما هي احتمالات دخول هذه العصابة الى العاصمة ،وهل هناك احتمالية لتحقق هذا الامر،وبمراجعة للمعطيات على الارض والاماكن التي دخلها التنظيم الارهابي، كالموصل والانبار وبعض مناطق صلاح الدين ومناطق محدودة في ديالى ،نجد ان امكانية دخول الدواعش الى بغداد امر مستحيل،لان بغداد اتخذت الخطوات الامنية المطلوبة اولا ،وثانيا لان بامكان قوات الحشد الشعبي والمجاهدين في بغداد ان يعيدوا الارهابيين الى جهنم ،وخلال ساعات وليس ايام، الامر الاكثر اهمية هو ان حواضن الارهاب والخلايا النائمة في بغداد حتى وان تحركت مع تحرك الدواعش فليس بامكانها ان توفروا الغطاء الاستراتيجي والامني الكامل لهم ،لان تواجد الحواضن والخلايا تتركز في مناطق محدود ،وهي تحت النظر والمراقبة.
ان دخول بغداد ليس بالامر الهين،ولا يمكن الاقتناع بحدوثة بيسر وسهولة ،اذا ما اردنا ان نعيد الى الذهن رسم الوقائع على الارض،ومدى قوة الفريق المدافع على كسب المعركة ،خاصة مع وجود ادلة وقرائن تعزز فرضية دحر الدواعش ،وكما هو الحال في امرلي وفي سامراء وفي مناطق يسكنها الاغلبية من ابناء الشعب العراقي.
ان من العوامل الرئيسية التي ساعدت الدواعش في الوصول الى نينوى والرمادي وبعض المناطق هنا وهناك ،ليس قوة الدواعش وانما خيانة بعض اهالي تلك المناطق ،وتواطئهم مع القتلة والمجرمين بدوافع طائفية وانتقامية ،رغم خسة ودونية تعامل هذا التنظيم الارهابي حتى مع من ادخله ومن اوصله الى الوضع الذي هو عليه الان.
ليس بامكان داعش الاقتراب من اسوار بغداد ،لان القوة التي تدافع عن بغداد والتي تتكون من قوات الحشد الشعبي والمجاهدين والقوات الامنية الحكومية مسنودة بابطال القوة الجوية بامكانهم التصدي لاي محاولة، وسيكون الفشل مصير الدواعش ،خاصة وان من يدافعون عن بغداد يملكون جميع فرص الافضلية ،التي لا يملكها المعتدين.
مقالات اخرى للكاتب