في عام ١٩٩٦ كنت في السادس الإعدادي وكان في تلك الفترة من تاريخ العراق صراع إرادات خصوصا في مدرستنا فلقد كان لدينا استاذ سني يكره البعثية ويكره الشعائر الحسينية في آن واحد وتلك مفارقة غريبة وكان مدير مدرستنا شيعي يحب البعث ويكره السنة والشيعة والشعائر ..وفي ذات صباح شتوي جأنا الى المدرسة وفوجأنا بأن المدير قد أسند ظهره الى حائط المدرسة وغطى شيئا ما كان مكتوبآ على الحائط بظهره..!وكان ينتظر احدآ يحمل له صبغآ وفرشاة لإخفاء الكتابة و رغم انه قطع الشارع فيما بعد ومنع المارة من الذهاب والاياب لكننا أكتشفنا ان الكتابة هي كلمتين فقط ((يسقط صدام))! وباللون الأحمر ولعلنا استفدنا من هذه الحالة اكثر من سقوط صدام فلقد تم صبغ المدرسة بالكامل !!..
مرت الايام وتبادل الاتهامات بين استاذنا السني الذي يكره البعث وشعائر الحسين وبين مديرنا البعثي الذي يكره كل شئ عدا البعث ولأن البعث يحمي من يحميه تم معاقبة الاستاذ بتهمة تحريض الطلبة على حب الله ونشر التدين في المدرسة والمدارس المجاورة وهذا مما يشكل خطرآ على العملية التربوية وقتها ولكنه كان سني أكتفوا فقط بأخذ تعهد عليه بترك الله في حاله ..!
ذكرني ذلك الموقف بما يجري اليوم فلم اجد سياسيآ واحدا يدافع عن التجربة الديمقراطية ولا عن شعبه لا بلسانه ولا بظهره ولا بقلبه مثلما فعل مديرنا الذي حمى بظهره عورة البعث المقبور وهو لم يكن يملك مصفحة في تلك الفترة ..!!
ولم اجد سياسيآ سنيآ واحدآ في البرلمان او الحكومة تبرء من البعث وصدام كما تبرء ذلك الاستاذ السني رغم انه كان يكره البعث علنآ والشعائر سرآ..!!
الشئ الوحيد الذي رأيته متشابه هو تبادل الاتهامات فقط على حساب دمائنا ويتم تسوية الامور فيما بعد من تحت الطاولة !!!.كما تم تسوية الامر مع استاذنا بتعهد اجوف..!
ولا ندري نسير الى اين في ظل هذه الفوضى والدماء والمفخخات ولا ندري لعلنا نستيقظ صباحآ ونجد مدير مدرسة مثل مديرنا يخفي تحت ظهره عبارة (تسقط داعش)..حفاظآ على الوحدة والمقبولية...!!
ولا ادري هل سيبعث الله لنا غرابآ مثل غراب ابني آدم ليعلمنا كي نعيش فوق الارض لا تحتها ..!
وهل تعجز اجهزتنا الامنية ان تستفيد من هدهد سليمان في جمع المعلومات قبل ان يداهمنا ابرهه الحبشي بفيله !!
او ان يهجم علينا العربان من دار ابي سفيان التي هي الان الفلوجة مدينة القتل والغدر والجبن والتخاذل والخيانة ..
الفلوجة هي رأس الشر في العراق ..!
اللهم اني بلغت...