ايقاع الحياة متسارع , هذا هو ما عليه الواقع الان والذي يفرض علينا ذلك هو الطلب المتزايد لرغباتنا التي تكبر يوماً بعد يوم فيزداد السعي اكثر لتلبيتها ومع ازدياد السعي ينمو التنافس وتتسع آفاقه في جميع مجالات الدنيا .
جُبِلت النفس البشرية على عشق الجمال والانجذاب نحوه وهذا يوقظ فينا الألهام والتّفكّر وظهور الرغبات ومن هذه الرغبات الاستمرار في التمتع بالجمال وامتلاكه والمداومة عليه , فالانسان تظهر عنده رغبة الطمع في الامر الذي يتمتع بصفات الجمال الذي يوَّد ان يمتلكه او يجرّبه لذلك يسعى الانسان في تحقيق رغباته وهو في ذلك امّا ان يكون طامحاً او ان يكون طامعاً فالطامح هو من يسعى الى تحقيق هدفه بالصبر والطرق السليمة اما الطامع فيسعى الى هدفه على حساب مضرّة غيره او مضرَّة نفسه فأذا كان كذلك اصبح هاجساً لاشعورياً فيكون امرا يُثقل الكاهل نفسياً ومادياً وفي هذا الامر , وفي ذلك قول مشهور للأمام علي بن ابي طالب : (مصارِع العقول تحت بروق المطامع) .
ان من اهم الاشياء التي تزرع في النفوس الرغبات والسعي خلف بروق المطامع التي تثيرها هو بريق الشاشات وبرامجها وصورها فالناس في كل مكان ان لم تجلس امام شاشة التلفاز فهناك الشاشات العملاقة في الميادين والشوارع واذا لم تتوفر تلك فهي في ايدي الناس تحدّق عيونهم فيها جُلَّ اوقاتهم ببرامجها التي تركز على ايقاظ غريزة السعي خلف البهرجة والاغراءات التي تقدمها تلك البرامج , فهناك سيل جارف من الاعلانات التجارية والمسلسلات التقلزيونية والصور التي تحاول ان تصل الى عقل المتلقي وزرع هاجس الاغراءات بطريقة مقصودة اكثر الاحيان لأظهار جوانب من امور الحياة قد تكون غاية في الجمال والروعة كالأجهزة الالكترونية بكافة انواعها او تصوير مشاهد المسلسلات في مناطق طبيعية رائعة فتزرع هذه الصور رغبة لاشعورية في الحصول على مايراه المتلقي او ان يصل الى مكان يعطيه نفس الشعور بالبهجة والمتعة دون الأكتراث فيما اذا كان بالأمكان تحقيق تلك الرغبة ام لا وهل الامكانات المادية للمتلقي تسمح بذلك ام لاتسمح.
في الماضي كان الناس اكثر قناعة وصفاءاً في الذهن رغم ان مغريات الحياة كانت موجودة الى ان اصبحت وسائل عرضها وايصال صورتها الى الناس متقدمة بفعل التكنلوجيا واصبحت الشاشات تحيط بنا من جميع الجهات وهي تدعونا الى الى الحصول على ما تعرضه لنا فأزداد الناس رغبة وطمعا فيما الموارد بين ايديهم تقل او عاجزة على تحقيق ما يبغون لكن سياط الاغراء والبهرجة مستمرة في جلد العقل ليستمر الجري خلف الصورة ويزدادا اللهاث يوما بعد يوم .
ومن اجل ان يعي الناس ذلك فعلى البصيرة ان تغلب الرغبة والبصيرة دليل عقل الانسان وتحكمة في غرائزه ولاتكون البصيرة ولاتنمو الا بالاطلاع والقراءة والتعلم وذلك بزرعها في النفوس منذ الصغر.
مقالات اخرى للكاتب