تفتخر شعوب العالم بموروثها وفلكلورها وتحاول جاهدة أن تصدر حضارتها الى الشعوب الأخرى ليطلعوا على تطورها وارثها ، وهذا حق طبيعي من حقوقهم فمن خلال قراءاتنا ومتابعاتنا لحضارات الشعوب المتعددة فقد وجدنا ان الحضارة العراقية حضارة مهمة لماتركته من موروثات وعلوم وفنون متنوعة ، وكما قال الفيلسوف الصيني كونفوشيوس ( إذا أردت ان تتعرف على حضارة امة استمع الى موسيقاها) ونعتقد ان حضارتنا تمتاز بكل ماهو مميز ولذلك أصبحت حضارة يشار لها بالبنان في جميع المحافل ، مقدمتي هذه جاءت بعد ان توصلنا الى إننا الشعب الوحيد من دون شعوب العالم دفع ثمن أصحاب القرارات غير الدقيقة تجاه موروثاتنا ومعالمنا وشواهدنا الشاخصة ، ففي بصرتنا المنكوبة فنيا وخلال فترة وجيزة تم تهديم أكثر من 12 دارا للعرض السينمائي اذكر بعضا منها سينما الوطن والحمراء بفرعيها وأطلس والكرنك والقائمة تطول ، ومن المفارقات العجيبة إن ذات المسؤولين يوافقون على تهديم مايرمز للفن والثقافة ويقاتلون كي تصبح البصرة عاصمة للثقافة العراقية ! أي ثقافة تلك والمدينة لاتمتلك مسرحا نموذجيا واحدا، أي ثقافة تلك والبنى التحية للثقافة محطمة أي ثقافة تلك ونحن نرتكب اكبر خطأ في تهديم بهو الإدارة المحلية واستبداله بسوق سيضيف ألما وحسرة وقهرا لفقراء مدينتنا لأنه لايستقبلهم حتما بل سيكون مكانا لأصحاب الكروش الممتلئة بحقوقنا المسلوبة قسرا ، نعتقد ان من أقدم على هذا العمل لايمتلك دراية او مطلع على أهمية الشواخص والمعالم المهمة ، فبهو البصرة الشاهد الوحيد على إبداع البصريين فقد اعتلى منصته كبار الشعراء والفنانين والأدباء العراقيين والعرب والعالميين ، وهنا سؤال يطرح نفسه هل البصرة خالية من الأراضي الفارغة حتى تخصص مساحة معينة لتكون سوقا تجاريا نباركه جمعينا لانه يضيف جمالية للمدينة حتى وان لم نستطع دخوله؟ . قبل أيام حضرت فعالية في مدينة الناصرية ودخلت الى بهوها الذي تم اعماره بأفضل مايكون وأعيدت له الحياة بعد أن تعرض الى خراب ودمار أبان السقوط وماتبعته من أحداث ، لماذا لا تحذوا حكومتنا المحلية حذوا أبناء ذي قار وتنتفض وتعيد الحق الى نصابه ، أنا هنا أتساءل اين دور المثقف والفنان من هذه الأعمال التي خربت بقصد او بغيره كل معالم الإبداع في مدينة تعد منجما كبيرا للفن والإبداع و العلماء ورجالات الدين ، ممن تركوا ارثا وبصمة واضحة المعالم في الثقافة العراقية والعربية والإسلامية ، احد الاسلامويين ناقشته حول موضوع الثقافة والفن وقلت له ان البصرة تستحق الاهتمام لما تملكه من طاقات فنية وأدبية وثقافية ، ضحك ضحكة طويلة وقال باستهزاء أي ثقافة تلك التي تتحدث عنها وسألني هل الثقافة والفن شيء مهم للناس! قلت له نعم الثقافة غير مهمة بحساباتك وحسابات من يفكر مثلك كما هي الكهرباء والماء والخدمات جميعها غير مهمة بنظركم لأننا نعيش في زمان ليس زماننا . انهي زهيرتي هذه بنداء الى المعنيين بشؤون الثقافة العراقية وأقول لهم ان الفنان الكبير طارق الشبلي الذي اتمنى له السلامة والشفاء العاجل تعرض الى مرض خطير خضع مؤخرا الى عملية استئصال ورم في الجمجمة في ايران بعد عملية كبرى أجراها قبل شهور في شمال العراق وهو ألان يصارع المرض لوحده دون ان تتذكره وزارة الثقافة او المعنيون من مسؤولي الفن وغيرهم من المدعين انهم حريصون على الإرث الفني العراقي والمدافعون عن حقوق الفنانين والأدباء والمثقفين. وأخيرا اذن على المثقفين ان يقولوا كلمتهم و لايبقون منزوين ومتفرجين وحقوقهم رحلت الى من لايستحقها لان البلد الذي لايتحرك مثقفوه ويتصدوا الى المشهد سيتسلق حتما الأميون والجهلة ويسيطروا على كل منافذ الجمال ليحولوه الى عتمة دامسة .. أقول قولي هذا واحمد الله واشكره على نعمته ورضوانه وادعوه مخلصا ان يحفظ العراق والعراقيين وننعم جميعا بالأمن والأمان انه سميع مجيب..