يلمس الجميع نتائج ما حدث لميزانية العراق من نهب وتبذير وسرقة ، حتى ان الحكومة لم تستطع تقديم الموازنة المفروضة لغاية اليوم ولم يتبق على انقضاء العام سوى بضعة ايام .
لقد تعطلت المشاريع وتوقفت التعيينات ، وتبخرت مليارات الدنانير دون وجه حق ، ولكن دفع المبالغ الخيالية للحاشية والمقاولين – تحت العباءة – وتعيين الابناء و الاقارب والخلان مستشارين ومدراء عامين جرى حتى في الهزيع الاخير من رحيل الحكومة السابقة رحمها الله وما زال جاريا في الحكومة الحالية وكأنه حكمة عزفها داود في مزاميره لتطرب السامعين حتى اليوم .
كم أعرب المواطنون عن استيائهم بشتى الاشكال والصور ولكن لا من سميع ولا من مجيب ، حتى المرجعية الدينية صرخت باعلى صوتها يا حكومة كافي فساد ، وكأن في آذان الحكومة والرئاسة والبرلمان وقـر – الوقـر هنا الطرش وليس الوقارالذي يغني به ناظم الغزالي عيرتني بالشيب وهو وقار ، يا جماعة الخير .
اضطرت المرجعية الى مقاطعة رجال الحكم كي تبعد نفسها عن وزر الجريمة ، ولكن رجال الحكم في غيهم سادرون ، واعتقد انهم يخرجون لسانهم لنا ولكل من يعترض على سرقة الاموال ونهب الثروات وتهريب النفط وتبذير المليارات رواتب بغير حق لاناس زوروا شهاداتهم الدنيوية والدينية ، ومع ذلك تجد العلامات موسومة في جباههم ، علامات ارادوها دليلا على الخشوع لله تعالى ولكنها اصبحت علامات تدل على فسادهم وشرههم بدلا من زهدهم وايمانهم .
الغريب في الامر اننا شاهدنا كيف خرجت الملايين في زيارة الاربعين ، تسير نحو ضريح الامام الحسين عليه السلام معزية في ذكرى استشهاده ، سارت الملايين احتراما لثورة الامام الحسين على الباطل ، معرضة نفسها لهجمات الارهابيين الذين ينتظرون مثل هذه المناسبات لايقاع اكبر الخسائر في اوساط الجماهير الفقيرة التي تسير وهي على استعداد للاستشهاد مثلما استشهد الامام الحسين .
ولكن هذه الملايين السائرة نحو الامام الحسين والتي قرأت التاريخ قراءة استلهام وتمثلت الاحداث التي جرت قبل مئات السنين بشكل ثوري عظيم ، اراها عاجزة اليوم عن التصرف المماثل تجاه حفنة من الفاسدين الذين استغلوا كراسي الحكم ابشع استغلال بحيث تركوا الخزينة خاوية ، وعجزوا عن تقديم موازنة تبين اوجه صرف الاموال . فاصبح البلد مقفرا من الثروات يعاني المواطن فيه من العوز والفاقة .
الاف النازحين والمهجرين في بلدهم يعانون من البرد والجوع والمرض ولا يخجل الوزراء من التصريح بان العراق لايستطيع اغاثة النازحين لعدم قدرته على تغطية النفقات، بينما ينشر النائب الحافظ قائمة بالتبذير والنهب الذي يمارسه البرلمان ولا احد ينبس ببنت شفه ، اصبحوا كالنعامة التي تضع رأسها في الرمال ، يزوغون بابصارهم عن الفساد الذي اصبح كارثة على المواطنين .
ان انتظار زحف ملايين المواطنين ، الثوار ، لن يطول ، سيهاجمون بايديهم وصدورهم العارية القصور الخضراء والصفراء والحمراء وان غدا لناظره قريب
مقالات اخرى للكاتب