بذل المثقفون والمتعلمون والدبلوماسيون العرب في الغرب خلال القرن الماضي جهودا مضنية لتحسين الصورة ، التي رسمها الغرب للعربي ،وهي صورة البدوي راكب البعير ، بعضهم ساوى بين العربي والبعير ، لقد نجح الرعيل الأول برسم صورة مشرقة للعربي المتحضر المتعلم ، الذي أصبح فيما بعد أستاذا جامعيا يدرس الغربيين ، وطبيبا يداوي مرضاهم ، ومهندسا يعمر مدنهم ، وعالما يشترك بأبحاثهم .
لكن رواسب النظرة السابقة ظلت تلاحق العرب إلى وقت قريب .
لقد عانى الفريق الكويتي المشارك بتصفيات بطولة كاس العالم لكرة القدم في العام1982 إلى حملة إعلامية شرسة وهو يلاعب نيوزلندا على أرضها، لقد قال الإعلام النيوزلندي عن الكويتيين إنهم لا يعرفون لعبة كرة القدم ولا يجيدون غير ركوب الإبل . في مباراة الإياب في الكويت أمر الراحل فهد الأحمد رئيس المجلس الاولمبي الأسيوي ورئيس اللجنة الاولمبية الكويتية بإحضار مجموعة من الإبل إلى ارض الملعب ، لما تأهلت الكويت ، ذهب الفريق الكويتي إلى اسبانيا واخذوا معهم بعيرا وأصر الراحل فهد الأحمد على دخول البعير ارض الملعب ، واعتبروه تميمة الفريق الكويتي !.
بقايا الصورة السابقة لازالت موجودة إلى أن طغت عليها صورة جديدة للعرب والمسلمين رسمها بن لادن وجماعته بمساعدة الغرب .
من كان يعرف ابن لادن قبل ان تتبناه المخابرات الأمريكية والسعودية والباكستانية في أفغانستان لمقاتلة الاتحاد السوفيتي ؟ .
يا ليتنا بقينا على صورة العربي المسالم راكب الجمل عاشق الصحراء ، لقد اختفت تلك الصورة بفضل "ابن لكن" والدواعش والغرب لتحل محلها صورة العربي الذباح القاتل .
كان البدو أقلية حينما أصر اغلب الغربيين على مساواة كل العرب بالبعير، واليوم يعيد الغرب الخطأ ذاته ، فالدواعش والمتطرفين أقلية وتعمم صورتهم بالغرب كممثلين للعرب والمسلمين !.
صحيح ان أفلاما ومسرحيات قدمت في الغرب تنتقص من عيسى وموسى ع، لكن احد لم يجرؤ على الانتقاص من اليهود والمسيحيين ، مثلما يجري الانتقاص من المسلمين الآن وعلى نطاق واسع .
مليون ونيف عراقي وسوري قتلوا وجرحوا ، أكثر من ثمانية ملايين عراقي وسوري شردوا ولم يجد كل هؤلاء الضحايا تضامننا حقيقيا يجبر خواطرهم وخواطر اسر الضحايا .
قادة الأمتين العربية والإسلامية وزعماء الكتل والأحزاب والساسة العراقيين والعرب والمسلمين ، قدموا لفرنسا تضامنا منافقا لم يقدموه لضحايا الدواعش والمتطرفين من مسلمين ومسيحيين وأيزديين وأقليات .
البابا فرنسيس كان أكثر صراحة وجرأة حين قال :"لايمكن استفزاز أو اهانة معتقدات الآخرين أو التهكم عليها "وأردف "القتل باسم الله شذوذ"
لا بأس من نفاقهم .لغتنا وحدها تسمي: الصحراء مفازة والأعمى بصيرا والأعور كريم عين .
بعد جريمة 11 أيلول حاول بعض الساسة الأمريكان وبعض وسائل الإعلام الضغط من اجل تصحيح الوضع وتوجيه الاتهام للسعودية ، لكن المال والنفط السعودي حال دون ذلك .لقد حجبت عن الرأي العام الأمريكي أهم الصفحات من تقرير لجنة التحقيق الخاصة بأحداث 11 أيلول ، لقد طالب احد أعضاء لجنة التحقيق من اوباما نشرها .الصفحات المحجوبة تشير إلى تورط السعودية بدعمها المالي للمنفذين ، لقد اسهم اغلب قادة الغرب بخداع شعوبهم واسهم اعلام الغرب بالتعمية والتكتم عن المسبب الحقيقي لما يجري من جرائم حول العالم باسم الله والاسلام .
الغرب من اوجد الوهابية وسكت عن جرائمها .
"رب ضارة نافعة" على الرغم مما دفعه و سيدفعه العرب والمسلمون وخاصة المقيمون في الغرب من أثمان ، لكن حوادث الدواعش وتكرارها بالغرب ستدفع الساسة الغربيين على مواجهة مصدر الفكر المتشدد وهي السعودية، حينها سيكون ابن تيمية وابن عبد الوهاب من أوائل المطلوبين للمثول أمام قضاء التاريخ .
لا يتحقق الأمن للغرب وهم يجاملون الباطل ويكيلون بألف مكيال .
" إن من النفاق ما هو أصعب احتمالا على أصحابه من الصراحة "
مقالات اخرى للكاتب