نادرا ما يجد المرء في العالم طائفة مستهدفة بالإبادة المنظمة والمتواصلة ، وبكل هذه الوحشية ،و على طول الخط ، وكل هذه المدة الطويلة ، مثل الشيعة العراقيين الغلابة ، والذين لا يمر أسبوع أو أسبوعان أو أقل من شهر حتى يتعرضون لحملة تفجيرات جديدة و واسعة ومكثفة ، لينتج عنها ــ كالعادة ــ سقوط أعداد كبيرة من الضحايا بين قتيل وجريح : فدماء ضحايا التفجيرات المتكررة مؤخرا في طوزخرماتو وغيرها لا زالت طرية و ذوي الضحايا الذين سقطوا بالعشرات لا زالوا متشحين بسواد الحزن والفجيعة ، وها هي تفجيرات بغداد تأتي مجرد إضافة جديدة وليس الأخيرة ، لتبرز ، فيما بعد ، في نهاية الشهر مجرد رقم إحصائي / ليشير إلى بورصة القتلى على صعيد زيادة عدد القتلى والجرحى ل"أعمال العنف " ؟! ، في العراق بالمقارنة مع الشهر الماضي !!..
ومن المؤكد سيصدر " تنظيم القاعدة" بيانا بهذا الخصوص متبنيا " غزواته " الجديدة ضد الرافضة في
قعر دارهم !..
ولكن من هو المسئول الأول و الأخير والمتفرج الدائم !! عن مئات المجازر الكبيرة والضخمة المكررة ، و التي استهدفت الشيعة العراقيين ، مخلفة عشرات ألاف من القتلى منذ سقوط النظام السابق و حتى الآن ؟!..
بالتأكيد .. وبلا أية مبالغة :
هم غالبية " القادة " الإسلاميين الشيعة أنفسهم من ساسة ومعممين على حد سواء ، لكونهم فشلوا حتى الآن ليس في توفير الأمن لكافة العراقيين فقط ، و أنما فشلوا حتى في توفير الأمن لأبناء جلدتهم المستهدفين أصلا في قعر دارهم وتحديدا في أحيائهم المكتظة.للإيقاع بهم أكبر قدر ممكن من خسائر بشرية فادحة ..
ولكون هؤلاء القادة لم يحكموا العراق لا بصيغة طائفية واضحة وضمن حدود وسدود أمنية صارمة وذات نتائج ملموسة تجلب الأمن و الأمان والخدمات لأبناء طائفتهم ، ولا بصفة وطنية شاملة تحمي أبناء طائفتهم وغيرهم من مكونات أخرى من فظاعة هذه المجازر المتكررة والمتواصلة ، ولا وفروا لهم حياة كريمة ، وذات كرامة مضمونة ولائقة !..
فكل ما فعلوه ويفعلونه حتى الآن هو : أن جعلوا من الشيعة العراقيين الفقراء والحفاة الغلابة ، دروعا بشرية أمامية ، وأهدافا بارزة ومتقدمة لسلسلة التفجيرات و العمليات الانتحارية ، بينما هم وأفراد عائلاتهم و أعضاء أحزابهم القياديين وعوائلهم تحصنوا خلف السواتر الصلدة والعالية بكل أمن و أمان .. وبامتيازات ملكية كمان !..
ليواصلوا المساومة ، على الدم الشيعي والمتاجرة به ، بغية الحصول على مزيد من المناصب والمغانم وإلى أجل غير مسمى !!..
وكل ما فعلوه هو توفير " طقوس روحية " لهؤلاء الفقراء المساكين مصحوبة بغبار وهوس الزيارات المكوكية على طوال السنة ، على أساس إنها بديل أو تعويض حصري عن حياة كريمة تليق بحياة البشر المتمدنين ..
فهل يوجد أعداء أشد شرا وأنانية للشيعة العراقيين الفقراء أكثر من هؤلاء " القادة و الزعماء " المساومين دوما و المتواطئين أبدا على قتلهم وإبادتهم المتواصلة ، والضاحكين على ذقونهم بترهات هم أنفسهم أول من استخف و يستخف بها بكل استسخاف واستهانة ؟!..
مقالات اخرى للكاتب