دفعني للكتابة عن الفاتيكان هو ان بابا روما قام بزيارة جزيرة يونانية لتفقد احوال المهاجرين وتقديم الهدايا لهم ومشاهدة معاناتهم وبالاخص اللاجئين السوريين والعراقيين حتى ان هذا الرجل اصطحب معه عند العودة 12 شخصا” اكثرهم من المسلمين لاستضافتهم في الفاتيكان ولم نسمع اي رجل من مختلف الديانات والطوائف قد قام بمثل هذه الزيارة العظيمة كان رئيس الكنيسة الكاثوليكية قبل عام 1870 يمارس سيادة دينية وزمنية على مدينة روما والمقاطعات المجاورة وفي هذا التاريخ دخلت الجيوش الايطالية ونزعت من البابا مملكته الصغيرة ولم يتم الاتفاق بين البابا وامبراطور روما الا في عام 1929 حيث تم الاتفاق ان تتنازل ايطاليا عن مدينة الفاتيكان للبابا وهي حي من احياء روما وتعتبر اصغر دولة في العالم ومساحتها 44 هكتارا” وعدد سكانها 1000 شخص وهذه الدولة دولة الفاتيكان من اكثر الدول نشاطا” في الدبلماسية ويرجع ذلك الى ان اتباع الكنيسة الكاثوليكية ينتشرون في اكثر دول العالم وان دولة الفاتيكان من اعظم القوى الاقتصادية ويملك البابا ثروة تجعله يجئ في المرتبة الثالثة بعد الولايات المتحدة وروسيا وثورة الفاتيكان سرا لا يعرف حقيقته باستثناء 6 أشخاص هم البابا والكاردنال القائم على وزارة الدولة و 4 اخرين من الكرادلة يتولون ادارة الممتلكات ويمكن تصور هذه الثروه الهائلة من نشاط الفاتيكان نفسه فهو يشرف على اكثر من مليون من رجال الدين موزعين في العالم كله وابرشيات الى جانب مئات الالاف من المستشفيات ودور الايتام والعجزة والشيوخ والامراض المستعصية ومدارس في جميع المستويات من دور حضانه الى الدراسات العاليا الجامعية ومعاهد في مختلف مجالات البحث العلمي في اللاهوت والفلك والفلسفة وذرة وكيمياء وطب وجامعات لاعداد الرهبان والمبشرين واديرة للمنقطعين للعبادة كل هذه المؤسسات تحكم وتدار من مبنى الفاتيكان في روما بواسطة ادق منظمة في العصر الحديث ان ادارة هذه المؤسسات تعطي فكرة واضحة عن القوة الاقتصادية للفاتيكان ان كل ابرشية ينفق عليها من اتباعها كذلك هناك مستشفيات ومعاهد واديرة تقع ضمن اختصاصات الفاتيكان وهناك بعض القطاعات في الكنيسة تخضع للفاتيكان مباشرة تصرف عليها نفقات باهظة مثل البعثات التبشيرية وتتبع ادارة نقل العقيدة الكاثوليكية وقد اتسع نشاطها وتضاعف بعد الحرب العالمية الثانية وكانت تهدف الى مقاومة الشيوعية وينفق مبالغ طائلة الى هيئات ودول مهمتها محاربة الشيوعية وهناك نفقات في نفس الفاتيكان هم الحرس السويسري والعاملون والموظفون والاصلاحات المستمرة التي يراد بها ان يحتفض الفاتيكان ببريقه وبهجته حتى يعيشوا على مستوى الاهمية التي يتمتع بها العالم والميزاتنية الرسمية للفاتكان تتجاوز الف مليون دولار يضاف الى ذلك مبلغ استثنائي يقارب مائة مليون دولار يوضع تحت تصرف البابا للنفقات الطارئة والفاتيكان تكاد تكون الدولة الوحيدة في العالم التي لاتلجأ الى فرض الضرائب على الافراد فانهم يعيشون على المنح والهدايا التي يمد بها الكاثوليك ويليها دار نشر الفاتيكان والتي تشكل مورداً مهماً التي تحتكر طبع المئات من الكتب الدينية بمختلف لغات العالم والرسوم ودخول المتاحف والمقابر والاثار الكنيسية ومن العملة والطوابع وارباح رؤس الاموال التي يستغلها الفاتيكان بمهارة بمختلف انحاء العالم ومن الشركات العقارية الاخرى وشركات سكك الحديد لجنوب ايطاليا وشركات الملاحة وبيوت المال ويملك الفاتيكان في سويسرة الشركة الايطالية السوسيرية للاشغال العامة وشركة الكهرباء في زيورخ والشركة الهولندية لزيت الغاز ويملك في فرنسا البنك الايطالي الفرنسي وله في كل دول امريكا الاتينيه فروع وشركة نسيج الشمال وغيرها من الشركات والمصانع والبنوك ومساحة واسعة من الاراضي المعفاة من الضرائب التي تدر باموال وفيرة على الفاتيكان وتدير ثروة الفاتيكان ثلاث منظمات ادارة ممتلكات الفاتيكان والادارة الخاصة بالفاتيكان ومنظمة الاعمال الدينية وقامت الحكومة الايطاليا بتعويض الفاتيكان عن الاراضي التي استولت عليها الحكومة الايطاليا وفيما يتصل بعمليات الفاتيكان المالية في الخارج فهو يعتمد على ثلاثة بنوك من كبريات البيوت التجارية بنك مورجان في نيو يورك ونشاطة الاقتصادي داخل منطقة الدولار وبنك همبر في لندن نشاطه في منطقة الاسترليني وبنك القرض السويسري في زيورخ لبقية الدول الاوربية ويمتلك الفاتيكان رصيدا” كبيرا” من الذهب مودعه لدى مختلف البنوك الكبيرة في العالم ولا يعرف اي شخص مثل هذه الثروة التي تستغل وتنموا بعيدا” عن الرقباء في عصرا” يؤدي فيه الاقتصاد دورا” حاسما” في اتخاذ اخطر القرارات المتصلة بمصير الانسانية وظلت العلاقة متوترة بين الدول الشيوعية والفاتيكان حتى عام 1958 بدأت العلاقات تتحسن بين الاتحاد السوفيتي في حينه والفاتيكان خاصة” وان الفاتيكان كان يروم تقديم المساعدات الى الكنائس الكاثوليكية في اوربا الشرقية ونتطرق الى بعض الامور الدينية التي ادخلها البابا وذلك بتعيين بعض الكرادلة من الافارقة وادخل تعديلا” على شكل القداس وان يتم بغير اللغة اللاتينية اي باللغة القومية لاي كنيسه وادخل تعديلا” على ملابس الاباء وطريقتهم في اداء القداس وخفف من ملابس الراهبات واعطاها شكلا” عصريا” وادخل تعديلا” على الفقرة الواردة في الانجليل التي تدين اليهود على صلبهم المسيح والتي تقال في الصلاة اليومية ودخل في حوار مع بقية الكنائس لغرض التقارب بين الكنائس كل ذلك جاء نتيجة انعقاد المجمع المسكوني والمؤتمرات واللجان التي جرت فيه صراعات حادة بين المحافظين والتقدمين وبين اليمين واليسار حيث ان البابا يوحنا اختار جانب التقدم وهذه القرارات اثارت المحافظين من الكاثوليك وهذا المؤتمر المسكوني بدأ مرحلة جديدة اهتزت لها قوى الاحتكارات الدينية القديمة ولم يعد ممكنا” فرض عقيدة دينية مهما تكن وهي الكاثوليكية في حالتها هذه بالعنف المادي او الاختلاقي او الاجتماعي او تعتقد او لاتعتقد وهو امر يخص الفرد نفسه وليس من الضروري ابدا” ان تجيئ عقيدتك حسبما يريده الفاتيكان نفسه في روما ولم يعد ممكناً ان تستخدم الكنيسة اسلحتها التقليدية كي تخنق اي حركة تشديدية وبدأت الكنيسة تغير طريقها وتجلى هذا واضحا” في تكوين رجال الكهنوت وهم عمل الفاتيكان في المستقبل ولم يعد يعلمونهم ان الجنة سوف تحتفظ بها الكاثوليك وحدهم او ان عالم الدين هو افضل شي في الوجود واليه يفر الطيبون من البشر هربا” من دنيا السوء وباختصار لم يعد الخير والاصلاح وقفا ” على الكاثوليك وحدهم وبدوا يعلمون الطلاب في معاهد اعداد اللاهوت انه يمكن ان يوجد وهو موجود فعلا” اناس طيبون واشراف ليس من الكاثوليك ولم يكن مثل هذا التطور سهلا” وتعميقه وتعميمه يتطلب وقتا” لان اغلبية رجال الدين يتولون المناصب تربوا في النظام القديم وشيئ ما يثور في اعماقهم كلما وجدوا انفسهم وجها” لوجه مع هذه القيم الايجابية الجديدة ومع من يناقشون فيها وكانوا قبل يسيطرون على كل انواع التعليم في الغرب او الحضارة كلها ولم يستطع احد ان يفلت من تاثيرهم وان اجهزة الفاتيكان تعمل على تنفيذ قرارات المجمع المسكون او تفريغها من محتـــواها وفـــــــــي عام 1963 تولى البابا بولص السادس عشر البابوية والصراعات داخل التيارات المختلفة في الفاتيكان على اشدها وحوله تفجرت القضايا الاجتماعية في العالم وليس بوسع احد ان يقف منها على الحياد وبدات الزلالزل في الفاتيكان فهي هزات عنيفه وبدا معها الفاتيكان يهتز من اضخم اعمدته الى اصغر شخصية فيه وان اكثر الامور تسير في الخفاء قد برزت بعض الافكار الشيوعيه واليسارية على بعض الكرادلة مثل الاب جيوفاني والكاردنال مارسيل الذي كان شيوعيا” متطرفا” وقد جمع قسما” من الاتباع حوله وبرزت افكار بعد المجمع المسكوني وان الانجيل يمكن ان يكون ايضا” اداة فعالة في دعم حركت التحرر الانسانية وجعل حياة البشر اقل شقاء” وتعاسة” وبدأ المسيحيون يرون او يقرأون او يسمعون عن جماعات مسيحية تعمل من اجل انتصار الاشتراكية وان الخطوه التي اتخذها المجمع غير كافية لان الزمن يواصل سيره متواصلا” وبدات انشقاقات في الكنيسة الكاثولكية ابتداء” من عام 1971 على يد الكاردنال مارسيل وبدات افكاره تقلق البابا وقام هذا الكاردنال عند افتتاح المعرض السنوي في ليل في فرنسا قداسا” على الصورة التي يدعو اليها حضره بين خمسة وستة الاف كاثوليكي من فرنسيين والمان وبلجيكيين وانكليز وبعده القا اخطر تصير عنه لقد وزج المجمع المسكوني الكنيسة للثورة ومن هذا الزواج السفاح لايجئ غير ابناء زنا هذا الاجتماع الذي قيل انه من اجل الحوار على قدم المساواة بين الحقيقة الكذب ولايمكن الحوار مع البروستاتت نحن نحبهم ونعمل على ان يعتنقوا الكاثولوكية ولايمكن الحوار مع الماسونية ولا مع الشيوعية لانه الحوار مع الشيطان غير ممكن ونحن لا نطلب من البابا غير شي واحد من بين كل التجارب ان تجري في الفاتيكان اليوم فلتر كونا نجرب العودة الى التقاليد القديمة ان تعطى لنا كنيسة في كل اسقفية بدلا” ان تعطي للمسلمين وقد اعطيت كنيسة للمسلمين في مدينة ليل وقد رد عليه الكاردينال انها كنيسة تنتمي الى جماعة الدونميكان وهي مهجورة وقد سوالت عن ذلك فاجبت انها خير من تبقى مهجورة وثم جيل جديد من رجال الدين الشباب دون ان يكون من اليسار او ينتسب اليه يرى ان نظرة الكنيسة الى العالم اليوم يجب ان تختلف جذريا” عما كانت عليه في الامس لاننا اذا القينا نظره الى العام الذي انعقد فيه المجمع المسكوني الاخير 1960 وبين الحياة التي نعيشها الان ادركنا التطور الهائل الذي اصاب عالم مابعد الحرب العالمية الثانية لقد ارسل الانسان مندوبين عنه الى القمر وتامل وهو على سطح الارض مسترخيا” امام صندوق خطاه عليه وكان اقصى سرعة بلغها الانسان قبل هذا الحدث بسنوات 200 الف كم في الساعة وهو الان يستطيع ان يسرع عبر الفضاء بقوة 40 الف كم في الساعة واستطاع ان يزرع القلب والكبد والكلا وكل الاعضاء المقدسة في الاساطير القديمة بعد ان يجتث الفاسدة وان ينقلها من انسان لاخر وصنع العقل الحاسوب وكتشف الطاقة النووية ووجد الوسيلة لكي يتصل فورا” باقصى مكان في العالم عن طريق الصوت او الضوء ولم يعد الالم او اصطناعه او البحث عنه يمثل جزء من عضمة الانسان هل يمكن اذا” ان نتحدث الى الانسان هذا العصر عن الاله والاخرة بالطريقة نفسها التي كنا نتحدث بها الى جده او حتى الى ابيه وتتفق الكنيسة كلها على الجواب لا لايمكن وتختلف فيما عدى هذا فالمحافضون يرون ان نتحدث الى الانسان بلغة العصر ولكن دون ان يمس العقيدة اي تغيير وهو رأي كبار الكهنه الجالسون وراء المكاتب الفاخرة يقرؤن التقارير ويصدرون الاوامر ويتصلون بعلية القوم في نطاق مراسم محددة ويتحدثون هم ومن يتصلون بهم في نطاق محدد وبلغة مختارة ولكن شباب الرهبان ومن يتصلون بالجماهير العريضة ويلمسون الحياة في جانبها القاسي عن قرب ويرون ان ذلك مستحيل لان الرجال الذين يتصلون بهم يتحدثون اليهم قد تغيروا كثيرا” وان حياتهم اليومية العاجلة ومستقبل شيخوختهم وابنائهم ياتي في المقام الاول من الاهتمام ويملأ عليهم كل فراغ ولا يحتاج الانسان الى ذكاء كبير
مقالات اخرى للكاتب