بغداد – في موازاة التصعيد الكلامي والتحشيد العسكري في المناطق المتنازع عليها في كركوك وديالى، وتهديد مسعود البارزاني رئيس إقليم كردستان بإعادة الحظر الدولي على الطيران في مناطق الإقليم والمناطق المتنازع عليها، بدأ واضحا أن هناك أتجاها كرديا لتدويل قضية المناطق المتنازع عليها تمهيدا للإنفصال التام عن العراق، بعد الحصول على ضوء أخضر أمريكي بريطاني.
واعتبر نواب عن الحزب الديمقراطـــــي الكردستاني تصريحات رئيس الاقليم مسعود البارزاني وتهديده بطلب اعادة العمل بالقرار الأممي 688 الذي فرض حظرا دوليا للطيران على الاقليم عام 1991، بانه يعبر عن تخوف الشعب الكردي من عدم التزام الحكومة الاتحادية بالدستور، مؤكدين أنهم ليسوا ضد مبدأ تسليح الجيش العراقي.
وبينما حذرت كتلة التغيير الكردية في البرلمان من تحول الصراع السياسي الى عسكري، معتبرة الخلاف بين الاقليم والمركز لا يشبه الخلافات السياسية، أكدت ان الدستور مهيأ لتدويل ملف المناطق المتنازع عليها، ولاسيما أنه نص على هذا الخيار في حال أخفقت الاطراف السياسية في حل مشكلة المناطق المتنازع عليها.
وقالت العضو البارز في التحالف الكردستاني عن الحزب الديمقراطي أشواق الجاف أن "عملية تسليح الجيش العراقي، وما تبعتها من تحركات لكبار قادة الجيش في الحدود المتنازع عليها، مؤشرات لا تبشر بخير".
وأوضحت الجاف "لسنا ضد تسليح الجيش العراقي، فنحن منذ عام 2003 كانت نواة الجيش هي قوات البيشمركة"، مشيرة الى ان "الجيش لم يراع مبدأ التوازن بين مكونات الشعب الذي نص عليه الدستور بمادته التاسعة".
وبينت "نحن نتخوف من عقيدة هذا الجيش الذي ربما يكون ولاؤه لشخص واحد مستقبلا"، لافتة الى أن "الاعتراضات على تخصيص موازنة كبيرة لتسليح الجيش كان محل اعتراض العديد من النواب نظرا لوجود بنود خدمية أخرى، وكان من الأجدر تخصيص هذه الأموال الى الكهرباء".
واضافت أن "شراء هذه الاسلحة أمر غير مبرر، ولاسيما أننا شاهدنا قادة عسكريين يقومون بنقل ألوية في المناطق المحاذية لمحافظات إقليم كردستان"، مستشهدة "بتجريد رئيس اركان الجيش بابكر زيباري من صلاحياته في وقت سابق، حيث أنها مؤشرات تدل على وجود خطر عسكري على الاقليم".
وتابعت ان "عدم تمسك الأطراف بالدستور وعدم تطبيقه على أرض الواقع هو من يولد مخاوف الكرد، ولاسيما أننا حريصون على ايجاد تماسك داخلي وعدم عودة ثقافة الدكتاتورية مرة اخرى".
وعن التحالف الإستراتيجي بين الاكراد والتحالف الوطني، أكدت الجاف أن "التحالف الإستراتيجي مع التحالف الوطني ما زال قائما، لكن ذلك لا يمنع من اعتراضنا على العملية الديمقراطية اذا ما أخلت بتطبيق الاتفاقيات الدستورية"، كاشفة عن "اطّلاعها على ورقة الاصلاح عن طريق أحد زملائها في التحالف الوطني، والتي أوضحت أن الورقة لا تضم سوى عموميات، حيث قد يفهم منها أنها لكسب الوقت حتى انتهاء الدورة البرلمانية الحالية". وتوقعت "عدم إيجاد حلول حتى الدورة البرلمانية الآتية نظرا لعدم وجود ثقة بالدستور".
وأكد النائب عن كتلة التغيير الكردية لطيف مصطفى أمين أن "الخلاف بين الاقليم والمركز لا يشبه الخلافات السياسية الاخرى"، محذرا من "مغبة احتكاك مسلح يشكل شرارة صراع عسكري مخيف".
وقال أمين، إن "الحكومة الاتحادية والاقليم يمتلكان السلاح، وربما يحدث احتكاك بين القوى المسلحة في بعض المناطق، وشرارة واحدة ربما تحول الصراع من سياسي الى عسكري"، مشيرا الى ان "التصعيد الاعلامي من الجانبين امر خطير حاليا".
واستبعد أن "يكون لتصريح البارزاني علاقة بالانفصال"، مبينا "نحن قبل عام 2003 كنا منفصلين اصلا عن العراق، وكان لدينا حظر للطيران، وعدنا بمحض إرادتنا واشتركنا في استفتاء الدستور، وبصورة عامة فإن الوضع يختلف عما كان قبل 2003 والظرف في عام 1991 يختلف عنه الان".
وتابع "لدينا مواد أخرى في الدستور مهيئة لتدويل القضية، ولاسيما ما يخص المناطق المتنازع عليها، فيما لو لم يتفق العراقيون"، مضيفا أن "العراق ما يزال تحت البند السابع، وما زالت الامم المتحدة جزءا فعالا في العملية السياسية، كما أن النصوص الدستورية تؤهل القضية العراقية بسرعة الى التدويل، ما لم تتحكم الاطراف السياسية بتصريحاتها وضبط نفسها".
من جانبهم توقع نواب عن القائمة العراقية حدوث تهديدات مشابهة بالانفصال عن العراق في محافظات أخرى، إذا ما اتجه المسار السياسي نحو الدكتاتورية، وأشاروا الى أن التقسيم هو مشروع امريكي وبريطاني، ومن العيب أن يرعاه العراقيون.
وقال النائب عن القائمة العراقية حامد المطلك، ان "شعورا يسود الجو في الداخل انه اذا لم تسوّ الاطراف السياسية خلافاتها، فربما تنأى عن وحدة العراق وتتجه لما من شأنه ان يعطيهم حرية العمل في الاقليم"، مشيرا الى ان "التقسيم هو مشروع الاحتلال الامريكي والبريطاني البغيض، واذا جاز في يوم من الايام ان يذهب العراق الى التقسيم، فهو بفعل السياسيين".
واوضح المطلك، ان "القادة السياسيين يتحملون الخطيئة الكبرى تجاه البلد وابنائه"، داعيا الى "تحمل المسؤولية التاريخية والشرعية لمنع تقسيم البلد".
وقال إن "ما يقوله البارزاني اليوم ربما يقوله فيما بعد محافظ البصرة او الانبار او نينوى"، مشيرا الى ان "الدكتاتورية هي من تقسم العراق، فعلى القادة ان ينتبهوا لمنع ذلك".
وتابع "عندما نقول للمالكي ان عليك الجلوس مع زملائك واخوانك وان نحكم كما يريد الشعب يرفض ذلك، وهذا امتداد لمشروع الاحتلال الراعي للتقسيم".
وأعتبر ائتلاف دولة القانون التصريح بأنه محاولة لإخافة الشعب الكردي من العرب، مؤكدا عدم قناعة جميع الاكراد بتصريح البارزاني. وقال القيادي في حزب الدعوة خالد الاسدي، أن تصريح البارزاني "محاولة لإخافة الشعب الكردي من العربي"، مبينا ان "هذه لغة لا تخدم بناء العملية الديمقراطية".
وأضاف الاسدي، أن "الشعب العراقي واحد بكرده وعربه، وان الشعب الكردي لم يشعر بالامان كما يشعر به الان، في ظل الحكومة الاتحادية الحالية"، معربا عن اعتقاده بان "التصريح ينتج صراعا عرقيا في المنطقة وهو أمر خطير".
وأوضح ان "التحالف الإستراتيجي بين الوطني والكردستاني ما يزال قائما، ولكن لا اعرف لماذا يتجه البارزاني هذا الاتجاه"، لافتا الى أنه "وحسب معلوماتنا فإن عموم الشعب الكردي ضد توجه البارزاني".