من وسط الموت والمعركة ..
ومن تحت زخّات الصواريخ والقذائف وصرخات الرجال اكتب إليك يا أمي بدمي بدلا من حبر قلمي.
حبيبتي الغالية ..
ها نحن نهجم على الأعداء منذ خمس ساعات . إنهم أكثر مما كنا نتوقع. وجوههم سوداء وسحناتهم تشبه الخنازير
لا ادري كيف تسربوا كالنمل من حدودنا.
وكلما انشغلنا عنهم بشيء اكتشفنا أنهم يتحركون قرب مواضعنا.
أمي
أرجو أن تستيقظي كعادتكِ قبل أن يتنفس الصبح لتعطري بيتنا بالدعاء وتوقظي أولادي للصلاة.
ولا تنسي يا حبيبتي أن تصنعي لي الإفطار الذي أحبه وكأنني أجلس بينكم .. بيديك المعطرتين بالحنان والحب.
سيدتي
لا تدعي زوجتي تبكي عندما يحملونني إليكم ملفوفا بعلم بلادي
لا أريد منها أن تنكسر أو تذرف دمعا
قولي لها إنّ حسام عانق الوطن .. وانه لن يموت ، فالشهداء أحياء عند ربهم يرزقون.
احتضني أولادي كلّ صباح.
قبليهم يا أمي في أفواههم وخدودهم وشمّيهم بدلا عني فإنني أكاد اُجَن شوقا إليهم رغم الموت والمعركة.
أيتها الغالية
إذا كبر احمد .. فليكن ضابطا في الجيش وليصبح مثل أبيه في حرس الحدود.
وجعفر ..الحبيب على قلبي.. فلقد كنت أتمنى أن ينخرط في الحوزة العلمية ويصبح عالما كبيرا يرشد الناس ويلمّ شملهم.
وأما زينب يا حبيبتي ، فاجلبي لها القصص والمجلات ، عسى أن تصبح كاتبة تخدم الفتيات وتسعى في نشر الفضيلة.
أيتها الحبيبة
اضطر الآن للتوقف .. فلقد حاصر الأوغاد كتيبتنا وعددنا قليل في هذه القرية، إنهم حوالي مائة ونحن عشرة فقط.
وداعا حبيبتي..
لا تنسي ولدك حسام في صلواتك وعند أضرحة المعصومين.
زوري إمامي الحسين بدلا عني .. وأبلغيه سلامي ولهفتي.
وداعا أيتها الغالية
سأضع هذه الرسالة في جيبي ..
وأتمنى أن تصل إليكم ولو بعد حين.
فالله خيرٌ حافظا .. وهو أرحم الراحمين.
وداعا أمي
ولدكِ حسام