دعت الأمم المتحدة السلطات البحرينية إلى إطلاق سراح الناشطة الحقوقية مريم الخواجة الناشطة الحقوقية التي ألقي القبض عليها في 30 آب/أغسطس إبان وصولها للعاصمة البحرينية قادمة من الدنمارك لزيارة والدها المعارض عبد الهادي الخواجة المسجون منذ ثلاثة أعوام، وقالت ناطقة باسم الأمم المتحدة إن المنظمة تخشى من أن يكون اعتقال مريم بسبب مواقفها السياسية.
ويرى مركز آدم للدفاع عن الحقوق والحريات في هذه الدعوة بادرة جيدة في طريق إنصاف الشعب البحريني الذي خرج بمطالب مشروعة عبر تظاهرات سلمية شهدتها البحرين منذ 14شباط/فبراير 2011، وكانت ردة فعل السلطات البحرينية هي مواجهة الاحتجاجات بالعنف عن طريق استخدام الغازات السامة ورصاص الشوزن والاعتقالات بين صفوف المدنيين وهدم دور العبادة وقتل عدد ليس بالقليل من المتظاهرين وجرح أعداد أخرى.
وتزامناً مع انطلاق الاحتجاجات في البحرين، حصلت بعض المواقف الدولية الخجولة والتي لم تعير لها السلطات هناك آذان صاغية، بل قامت السلطة بخطوات تصعيدية من خلال الاستقواء على الشعب بقوات (درع الجزيرة) السعودية التي قامت بارتكاب انتهاكات كبيرة وخطير لحقوق الإنسان على خلفيات طائفية.
ومن بين ردود الأفعال الخجولة، الدعوة التي وجهتها وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون السلطات البحرينية بتاريخ 17/فبراير/2011 والمتضمنة بدعوة السلطات إلى ضبط النفس في تعاملها مع المظاهرات المناهضة للحكومة ومع الصحفيين الذين يقومون بتغطيتها. وفي السياق وصفت وزارة الدفاع الأميركية "البنتاغون" البحرين بأنها شريك هام للولايات المتحدة ومقر للأسطول الخامس الأميركي، لكنها دعتها إلى ضبط النفس.
وفي 17/2/2011 قال الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون أن التقارير الواردة من البحرين مثيرة للقلق. وأضاف أن العنف ضد المسيرات السلمية وضد الصحفيين يجب إيقافه في أي مكان في العالم، وفي نفس اليوم 17/2/2011 دعت ألمانيا على لسان وزير خارجيتها غيدو فيسترفيله البحرين لتفادي استخدام العنف ضد المتظاهرين.
في اليوم التالي 18/2/2011، دعا الرئيس الأميركي باراك أوباما الحكومة البحرينية إلى التحلي بضبط النفس بعد أن تجاهلت قوات الأمن التابعة لها في وقت سابق دعوة واشنطن لها بالهدوء ففتحت النار على المتظاهرين.
وفي يوم الأحد 20/3/2011 أبدت وزارة الخارجية الأميركية قلقها البالغ من اعتقال قيادات في المعارضة البحرينية، ودعت الحكومة البحرينية لضمان أن تكون الإجراءات القانونية لهؤلاء المعتقلين نزيهة وشفافة. وقالت وزارة الخارجية الأميركية، في بيان بثته "رويترز": (إنها تشعر بقلق خاص إزاء اعتقال الأمين العام لجمعية «وعد» إبراهيم شريف)، على الرغم من انتمائه إلى مجموعة سياسية معترف بها من قبل حكومة البحرين، إضافة إلى احتجاز الطبيب البارز في مجمع السلمانية الطبي علي العكري.
كما توجد مجموعة من الوثائق والتقارير تشير بل، وتؤكد على إن أغلب الذين تم إعتقالهم وسجنهم في البحرين هم سجناء رأي أو ناشطين في مجال حقوق الإنسان إضافة إلى عدد من الكوادر الطبية ورجال دين، تم زجهم في المعتقلات وتعذيبهم والحكم عليهم بالسجن من قبل السلطات على خلفيات طائفية ومعتقدات دينية ومعظمهم لم يلجأ إلى العنف كأسلوب للمطالبة بالإصلاحات المدنية والقانونية التي تكفل لهم العدالة الاجتماعية وتكافؤ الفرص.
كما يوجد عدد كبير من البحرينيين تم إعتقالهم كونهم نشطاء في منظمات المجتمع المدني كـ(عبد الهادي الخواجة) وآخرين غيره تم سجنهم وتعذيبهم، أو أنهم طالبوا بعدالة اجتماعية تلغي الفوارق التي تضعها السلطات البحرينية على أسس مذهبية وطائفية، وأما النسبة القلية جداً من المعتقلين هم من لديهم برامج سياسية مشروعة ويطالبون بإجراء إصلاحات سياسية وعدت بها السلطات البحرينية في وقت سابق.
ويبقى القسم الأكبر من المعتقلين في السجن بلا محاكمة مع تعرضهم للتعذيب الجسدي والنفسي، والبعض الآخر أنهى فترة حكمه ولم يفرج عنه، ومن أفرج عنه فصل من وظيفته، أو فرضت عليه إقامة جبرية، أو حتى منع من السفر.
فإذا كان المجتمع الدولي جاداً بالوقوف إلى جانب الشعوب لنيل حريتها وخلاصها من الاستبداد ومكافحة الإرهاب كافة صوره وأشكاله، فعليه:
أولاً: أن ينظر بعين الإنصاف لما تقوم به السلطات البحرينية بانتهاكات مستمرة لحقوق الإنسان وأن يكون الضمير العالمي منصفاً في تعامله، بوقوفه إلى جانب حقوق الإنسان وحازماً مع الأنظمة الاستبدادية التي لا تعير أية أهمية للحريات الخاصة أو العامة.
ثانياً: أن لا يغفل المجتمع الدولي ودول التحالف ضد الإرهاب ومن بينها بريطانيا والولايات المتحدة عن إرهاب السلطة الذي تمارسه الحكومة البحرينية والتي تعمد إلى القمع والقتل والزج في السجون واستخدام العنف النفسي والجسدي وتقييد الحريات ضد مواطنيها.
ثالثاً: إن لدى المجتمع الدولي أدواته الكفيلة واللازمة لإرغام السلطات البحرينية على الاستجابة لقرارات الأمم المتحدة بالإفراج عن المعتقلين والاستجابة للمطالب الشعبية عبر الفصل السابع من ميثاقها.
فمن الواجب على دول تحترم الحريات وتنادي بحقوق الإنسان أن تسعى بكل حزم لكبح جماح الأجهزة الأمنية القمعية في البحرين، ومطالبتها بالكف عن استخدام العنف ضد المحتجين على سياسة الحكومة، ولتكن مناسبة الإعلان عن التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة ضد إرهاب ما يسمى بـ(الدولة الإسلامية) فرصة لحث حكام بعض دول الخليج وفي مقدمتهم حكام البحرين على عدم استخدام العنف ضد شعوبهم وتحذيرهم من عدم استخدام إرهاب السلطة ضد المدنيين من أصحاب المطالب الإصلاحية.
مقالات اخرى للكاتب