الحسين الذي في ضمائر العراقيين ليس هو الذي في ضمائر جوعية الكرسي والسلطة. عندما اسمع لطمية "يحسين بضمايرنه" تسحرني كلماتها وتطير بي ايقاعاتها. افراد الكورال الذي يردد "المطلع" مع الرادود رغم اني لا اراهم اشعرهم من أطفال الثورة الفقراء. يرددونها من أعماق قلوبهم وليس من على اطراف السنتهم. للصوت الصادق رائحة عطرة كأنها ماء الورد الذي ترشه البنات في الحلة على المواكب في ليلة زفة القاسم ابن الحسن:
عريسنا القاسم .. جا والعرس وينه؟
خاف الشباب يموت .. ويرمّل سكينه
ما من عراقية الا وفي قلبها شيء من لوعة زينب. وما من عراقي حقيقي واخو اخيته الا وفي ضميره شيء من جراحات كربلاء. مع هذا لم يجرؤ عراقي على تشبيه نفسه بالحسين حتى وان كان في جسده الف طعنة وجرح. لماذا؟ لان الحسين في ضمائرنا فعل وليس قولا. باستثناء نوري المالكي طبعا الذي لا ينام الا في القصور ولا يمشي الا ومعه مواكب من رباعيات الدفع التي تشرب وقودها من زاد فقرائنا اليومي. انه اول من وصّف نفسه بالحسين يوم حارب اهل الانبار. سمّاها بكل صلافة حرب الحسين على أنصار يزيد. يا عم انت وين وذاك وين؟
من كان الحسين في ضميره لا يحمي نساءه في حصون الخضراء ويترك بنات الناس عرضة للسبي والاغتصاب. ومن كان شهيد كربلاء في ضميره حقا لا يدلل ابنه ليلعب شاطي باطي بأموال المنكوبين ليتاجر بالدولارات المسلوبة والطائرات الخاصة. ومن ليس لديه ولد كان اول القتلى مثل على الأكبر ورضيع مثل عبد الله تقطع رقبته بسهم حرملي يصبح آخر من يحق له التشبه بالحسين.
الحسين في ضمائر هؤلاء الذين مشوا للموت طوعا ليطهّروا ارض العراق من دنس داعش. انه في ضمائر الحائرين بلقمة العيش التي امتص دمها مختار الولايات المتعددة. انه حسيننا وليس حسينهم.
انه الذي في ضمائرنا وليس الذي في ضمائرهم. نحن الذين قال شاعرنا:
افرض يجتذبنه الكاس ويسحرنه هوى التجديد
افرض نلتهي نقامر ونتصرف بلا تقييد
اشما تفرض بعد يحسين اشما نعمل بعد ونزيد
بآخر نفس احسبنه صحنه بيك آمنّ
مقالات اخرى للكاتب