من نوادر القصص الغريبة في عراق ما بعد التغيير, قصة اختطاف مجهولين لمجموعة من الصيادين القطريين والكويتيين في بادية محافظة المثنى العراقية.
والغريب في الحدث المتوقع الحدوث اصلاً في بلد يعاني من هشاشة الاستقرار الامني, ان اعداد الصيادين المختطفين كبير جداً, بالإضافة الى تخصيص الحكومة حماية خاصة لهم, ورفقة من عناصر جهاز المخابرات العراقي, وتحركاتهم داخل العراق كانت ضمن موافقات من الحكومات المحلية التي يتجولون في مساحة حدودها الادارية.
كانت هنالك قراءتان للحادثة وفق معطيات الوقائع, الاولى: تنص على ان هنالك تسهيل مهمة للصيادين لغرض دخولهم بهذا العدد وهذه الكيفية, رغم وجود مخاطر كبيرة في بادية العراق, علماً بان حادث خطف الاتراك قبل ايام لم يتم كشف ملابساتها, وتعتبر رسالة شديدة بان الاجانب مهددون في العراق, ومن يغامر بغير ذلك, لابد ان يكون دافع الدخول للأراضي العراقية فوق مستوى السياحة او الصيد وحتى العمل الاعتيادي.
وفي تلك الحالة لابد ان يكون هنالك من غرر بالصيادين لغرض استدراجهم لداخل الاراضي العراقية والتوغل بالعمق ومن ثم القيام بعملية خطفهم, والمساومة عليهم لصالح قضايا سياسية او عسكرية او ما شابه ذلك, وخصوصا ان القطريين غير مرغوب فيهم بمناطق الجنوب العراقي لمواقفهم المناهضة للمد الشيعي, ودعهم الواضح لتنظيمات "داعش" الارهابية والمتعصبين من السنة في العراق.
اما القراءة الثانية: تشير الى ان دخول مجاميع كبيرة من قطر والكويت باليات حديثة وسيارات يابانية المنشأ بدفع رباعي (GXR) بأعداد كبيرة (70) سيارة وخدم آسيويين الجنسية, وخيم كبيرة الحجم واسلحة واجهزة ومعدات كهربائية, لابد ان ورائها وجهة غير السياحة والاصطياد بالبراري العراقية القاحلة, ولابد ان الرحلة كانت مدروسة من حيث الصعوبات والمخاطر والاحداث الطارئة.
ولابد من ان قناعة المغامرين في خوض هذه الرحلة, تجاوز الحديث بالتضحيات خلالها, وفي تلك القراءة لابد ان تكون التضحية الجسيمة لخطب جلل, اعد له بدراسة وقناعة كبيرة, من قبيل افتعال ازمة بين الكويت وقطر من جانب والحكومة العراقية من جانب اخر, لتشكيل رأي عام ضد الحكومة العراقية, وبالتالي التلويح باتخاذ قرارات باطلة بمساعدة الدول الغربية بعد اكتمال التحالف بقيادة السعودية, والذي يلوح بدخول سوريا والعراق.
الصيادون القطريون دخلوا بموافقات من وزارة الداخلية العراقية, والصيادون الكويتيون لديهم موافقات من مكتب نائب رئيس الجمهورية العراقية, وتزكية رئيس لجنة الامن والدفاع النيابية في مجلس النواب العراقي, حسب المصادر, دخولهم كان بأوراق ثبوتية رسمية, وحمايتهم مسؤولية الاجهزة الامنية العراقية, رغم انهم رفضوا اقتراب الاجهزة الامنية من سياراتهم خيمهم في البادية, واكتفوا بأرسال ممثل عنهم للتحدث باسمهم واظهار الاوراق الثبوتية بتصاريح دخولهم واعدادهم والوجهة التي يرمون الوصول اليها.
نتمنى من الحكومة العراقية التعامل بحكمة عالية وسياسية بليغة مع القضية, والحذر من الانجرار وراء المخططات التي تحاول بعض الدول المجاورة من خلالها سحب العراق الى مربع المواجهة من جديد.
مقالات اخرى للكاتب