خرجت علينا طرقة جديدة هذه الأيام وكأن العراق في حاجة الى المزيد من المشاكل , حركة "شباب للبيع" . عندما قرأت العنوان اعتقدت ان هذه المجموعة من الشباب تحاول استنساخ اعمال بعض الشباب الأوربي والامريكي الذين يبيعون أجسادهم لنساء محرومات من الجنس (من كبار السن) كأن يتعاقد الشاب بقضاء ثلاث أيام مع امرأة بمبلغ 300 دولار يوميا. قلت في نفسي , لعن الله الميزانية و لعن الله من خفض سعر النفط , الذي وصلت الشباب العراقي الى هذا المنحدر , يبيع جسده من اجل حفنة من الدنانير . لقد كنت على خطا , الشباب ليس من نوع " بلي بوي " , وانما من الشباب المسلم ومن الذين يصومون ويصلون , ولكن بدون شك هناك شيء يريدون تحقيقه داخل عقولهم . فبموجب ما جاء في الغد برس ان هذه المجموعة تحاول التسويق لظهور الامام المهدي وان زعيمهم هو "نائب" المهدي "أبو عبدالله الحسين القحطاني" .
اذا كان الخبر صحيحا , فإنني لا ابرر من ان هذه الدعوة ارتباطات مشبوه وتمويل داخلي او خارجي لتشويه فكرة جميلة تعترف بها جميع المذاهب الإسلامية , ولكن التزم بها ونظرها المذهب الجعفري "الاثنا عشري", وهي فكرة الامام المنتظر الذي يملئ الدنيا عدلا وقسطا بعد ان ملئت جورا وظالما.
لقد ابتلى العالم الإسلامي منذ زمن بعيد بمثل هذه التنظيمات ولم يجني المسلمين منها الا القتل والدمار والفرقة والكراهية وبعدها تنتهي وتولد مجموعة أخرى وبوجوه وأسماء جديدة. العراق بعد التغير شاهده مجموعتين من هذا النوع , الأولى ظهرت في النجف الاشرف تحت زعامة " الكرعاوي" والذي جعل مقبرة النجف " مقبرة السلام" مكان انطلاقة زعامته الى العالم , الا ان القوات الأمنية استطاعت القضاء على هذه الحركة في زمن حكومة الدكتور إبراهيم الجعفري . كانت المجموعة متسلحة بأسلحة تفوق أسلحة القوات المسلحة في ذلك الوقت وكانت السبب في قتل وجرح الكثير من أبناء هذه القوات. الحكومة كشفت ان الكرعاوي كان مجرد رجل امن في زمن صدام حسين , وكان من يحب الرقص وسط الشابات. "النائب" الاخر للأمام المهدي المنتظر لا اتذكر اسمه ولكن أتذكرانه قد ظهر في محافظة ذي قار وقد قتلت مجموعته عدد من القوات الأمنية بما فيهم مدير شرطة المحافظة , وما زال عدد من أعضائها يخلقون المشاكل للدولة العرقية في اكثر من محافظة .
الخبر ذكر ان بعض من عرف عن "شباب للبيع" اعتبرهم مجموعة من الشباب الذين يعانون من "خلل نفسي وعقلي ". انا لا اعتقد ان هؤلاء الشباب مصابون بخلل عقلي , لأنه من غير المعقول ان تظهر مجموعة من الشباب وبالألاف منهم يحملون فكر واحد وفي زمن واحد , مستحيل . ثانيا , ان فكرة ظهور المهدي لم تتحدد بوقت وبذلك أصبح كل من هب ودب يتبنى الفكرة. ان ظهور المهدي المنتظر له شروط ليست موجودة الان. ومن يقول ان الظلم والجوع والقتل ازداد في هذه السنوات , فاني أقول ان الظلم والقتل والجوع موجود منذ ان تقاتلا أبناء ادم . ثالثا , هناك مرجعيات دينية سنية وشيعية لم تتعاطف معها او تصرح بصحتها.
اعتقد ان "شباب للبيع " فتنة جديدة يراد منها حرف الشباب عن الدين المحمدي الأصيل , تشويه مفهوم الامام المنتظر , و ربما تنظيم يريد الإساءة الى العملية السياسية باسم الدين , وربما عملية مدفوعة من داعش لأشغال الشارع العراقي .لقد اندهشت بعدم معرفة النواب عن هذه المجموعة وهذا عيب يسجل عليهم , لان من واجب أعضاء البرلمان العراقي مرقبة الظواهر الغير سليمة في المجتمع العراقي . يجب على الحكومة محاربتها بكل قوة قبل ان يشتد ساعدها وتقتل العراقيين بدون رحمة. كفانا قتل , الشعب العراقي اعطى الكفاية من الدماء الزكية ويجب عدم السماح لمثل هذه المنظمات المشبوه من البقاء والنمو حولنا. انها وظيفة الشرطة العراقية بتعقيب هؤلاء الشباب وايداعهم السجن و فضح أفكارهم وتوجهاتهم ليكونوا مثل لكل من يريد الإساءة الى مفهوم الامام المنتظر او للعملية السياسية , او للنظام العام .
مقالات اخرى للكاتب