من يستمع الى آراء السيد أحمد القبّانجي وطروحاته الجريئة عن المرأة والعلمانية وضرورة قراءة النصوص الدينية ومنها القرآن قراءة جديدة ليحترم فيها الانسان في حياته هذه قبل حياته بعد الموت، ومواقفه الاكثر من جريئة وهو ابن المؤسسة الدينية حول المرأة والحجاب وضرورة تمتعها بحقوقها وعدم الركون لتفسيرات وفتاوى بعيدة حتى عن القرآن الكريم نفسه كون القرآن حمال وجوه كما قال الامام علي "ع"، اضافة الى مواقفه الواضحة والصريحة من الاسلام السياسي بشقيه و ميله الى معسكر العلمانيين كونهم يحترمون الانسان وحريته تاركين علاقة هذا الانسان مع ربه ضمن خانة الحريات الدينية التي توفرها انظمتهم له، اقول ان من يستمع الى هذه الاراء الجريئة وغيرها الكثير حول بعض الطقوس واثرها على الدولة والمجتمع، عليه ان يتوقع الحقد الذي يعتمر نفوس الاسلاميين تجاه قامته الباسقة وهو سليل اسرة دينية عريقة ومدى الاذى الذي سيتعرض اليه منهم، خصوصا وانهم يملكون نصوصا جاهزة لوصفه ونعته بالانحراف والمروق والخروج عن الدين والملّة. وهذا ما مارسته المؤسسة الدينية سابقا ضد العديد من رجال الدين المتنورين او من الذين كانت لهم مواقف سياسية تجاه بعض القضايا الخلافية حول دور الدين ورجال الدين في قيادة الدولة، ولدينا في كل من الشيخ المنتظري والسيد شريعتمداري في ايران مثالين قريبين على ارهاب المؤسسة الدينية ضد رجالها.
ان اكثر من استمعوا الى محاضرات السيد القبّانجي وجرأته وصراحته المتناهية والمستندة على العقل في تفسير العديد من الظواهر الدينية والمذهبية، كان يتوقع نهاية تراجيدية لرجل فدائي بمعنى الكلمة وهو ان يقتل في اية لحظة بأحدى الطرق المعروفة لنا جميعا ولتسجل التهمة كالعادة ضد مجهول. ولان السيد القبّانجي وجه معروف ومألوف عند غالبية ابناء شعبنا لمواقفه الجريئة كما ذكرنا فان عملية تصفيته داخل العراق كان سيشير باصابع الاتهام لا محالة للمستفيدين منه على اساس القانون الجنائي الذي يقول فتش عن المستفيد في اية جريمة تقع. لذا فان المهتمين بالشأن هذا تركوا الامر للمستقبل عسى ان يخطأ السيد القبّانجي في تقدير ظرف معين، وهذا ما حدث فعلا عندما زار السيد عائلته في مدينة قم الايرانية، حيث كان جهاز المخابرات الايراني "اطلاعات" في انتظاره لاعتقاله. وحال اذاعة خبر اعتقاله وكما كان متوقعا فان عائلته بدت مغتبطة من خبر الاعتقال هذا بعد ان كانت قد اتهمته بالخروج عن الدين والانحراف عن الملّة في بيان اصدره شقيقه السيد صدر الدين القبّانجي القيادي في المجلس الاعلى وامام جمعة مدينة النجف الاشرف في منتصف نيسان عام 2012 .
ان الحكومة العراقية مسؤولة اليوم مسؤولية اخلاقية ووفقا للقانون في متابعة قضية اعتقال مواطن عراقي لا ذنب له الا انه عبّر في بلده عن آرائه وفقا للمادة 40 من الدستور العراقي الذي يقول نصا "لكل فرد حرية الفكر والضمير والعقيدة" وهذا ما مارسه السيد القبّانجي، وضرورة متابعة قضيته على اعلى المستويات دون الخوض في متاهات المؤسسة الدينية واحكامها احتراما للمواطن الفرد من جهة وللعراق كدولة ذات سيادة وتدافع عن ابنائها من جهة ثانية. ان احترام الحكومة العراقية ووزارة الخارجية واجهزتهما المختصة الاخرى تعتبر اليوم على المحك في متابعة هذه القضية.
ان الديموقراطيين وكل منظمات المجتمع المدني في داخل البلد وخارجه مدعوة للتضامن مع احد مفكريهم المتنورين عن طريق التظاهر امام سفارات البلدين للاسراع في اطلاق سراحه والعودة لحياته الطبيعية مستمرا في دوره التنويري في هذا الوقت الدقيق من عمر الوطن.
الحرية للسيد احمد القبّانجي.
والخزي والعار لآسريه والمتواطئين معهم.
18/2/ 2013
الدنمارك
مقالات اخرى للكاتب