عادةً ما تحتفل الجامعات العالمية بتخرج طلبتها من المرحلة الاخيرة فيكون يوم الوداع يوماً يحمل الشعور المتناقض فبين فرحة التخرج التي لا تضاهيها فرحة وبين فراق الزملاء و الاصدقاء , شعور اختلطت فيه المجسات الانسانية و تبدلت فيه النبضات الوجدانية و تلونت الصور المرسومة في ذاكرة الطالب لتتحول بالتالي الى نهاية محتومة هو التخرج . هذا التناقض الشعوري طبيعي جداً لكن غير الطبيعي هو ان لا يشارك الاساتذة طلبتهم حفل تخرجهم كالذي حصل مع طلاب فرع الانكليزي في الناصرية ولكم القصة :
قبل التخرج بفترة أرغمت جامعة الناصرية فرع الانكليزي طلابها على دفع مبلغ من المال ليتسنى للادارة عمل حفل يليق و مستقبل الامة القادم وهم طلاب الجامعة !! مبلغ لا احد يعلم باي جيب من جيوب المتنفذين نزل لأن الذي حضر الحفل سيعرف عن أي مهزلة تخرج اتحدث و سيدرك ان معدمي الضمير لا توقفهم حرمة الجامعات فهم ينقضون على الفريسة دون ورع او تردد . كما و واعدت الجامعة الخريجين على اقامة حفل يليق بطلاب اصبحوا اساتذة و الحال ان طلاب الانكليزي قد سمعوا في يوم تخرجهم او حفلهم او فرحة عمرهم أبيات ابو ذية وشعر شعبي ؟ وحتى هذه لم تكتمل فإن مكبر الصوت كان يصدر أنيناً يشبه صوت الراديو ايام الثمانيانت ؟ ففرحة الابوذية انعكست حقاً فكانت أذية فعلاً . لم يسمع الطلبة أسمائهم عند تسليم دروع التخرج لأن القاعة كانت أكبر من عقل إدارتها المهموم بالتسويف و الحر اللاهب قد بدد فرحة المتخرجين و صياح الطلاب مخلوط بصوت السماعة الذي لا يمكن وصفه فيزيائياً إلا تشويش يقتل الامل , سمعت شخصاً كبيراً قد أتى مع ولده الوحيد في يوم تخرجه , الرجل ضاق نفسه وكاد ان يختنق فقال بصوت عالٍ ( احتركوا ابهاتكم راح اموت من الحر و الصياح ) .
كنت اتصور ان يكون رئيس القسم الدكتور عماد السعيدي موجوداً لكي يسلم طلابه دروع تخرجهم ! لكن الدكتور الفاضل تغيب كعادته عن هذا الحفل , و المفروض كان هو أول من يحضر و اخر من ينصرف . وهو العارف بمعاناة الطلاب و فرحة مثل هذا اليوم بالنسبة لهم . لم يكن الدكتور و رئيس القسم متغيباً فدكتور رحيم ... د . حسن د. علي عبد الرضا و الاساتذة احمد و هاني و عاطف و تيسير كلهم لم يحضروا الحفل .فقتلوا الفرحة في نفوس المتخرجين و بددوا الامل في شعورهم الواعد نحو عراق افضل واجمل و ارقى , ليس فيه مكاناً لمافيات النهب و التسويف و الابتزاز وعدم المسؤولية . يا ربي أيعقل ان هذا يحصل اليوم و في حفل نهاية مشوار أتعبنا فيه انفسنا و أهلنا و قترنا فيه على وضعنا ؟ أيعقل ان الذي يسلم دروع التخرج في جامعة الناصرية لا يعرفونه الطلاب المتخرجين ربما من المتدربين في الجامعة . اما كيف نودي على الاسماء فتلك تحتاج الى قصة مطولة , الطلاب هم من قام بهذه المهمة فعم الصياح بعدما شق صوت الصباح نشوة الفرح الذي راح . فقدموا اسماءً واخروا اخرى و تساقطت ثانية و تعالت الصيحات ( اسمي وين ..... اسمي بروح ابوك ) كل هذا تم و إدراة الجامعة و رئيس القسم و الاساتذة في غياب تام .
لقد رجعت الى أهلي وأنا حزين أنين من شدة الانتكاسة و الاحباط و الالم الذي سببه يوم تخرجي . هذا الموضوع رواه لي احد الخريجين المنزعجين جداً لكن الذي يؤلم حقاً عندما قال بحرقة : لمن نشتكي مع من نتحدث من يسمع صوتنا من ........
وهنا نطالب الخيرين و المسؤولين و المهتمين باوضاع الناصرية وجامعاتها ان لا يذهب هذا الموضوع وكأنه لم يحدث وان يحقق و يحاسب المقصر .
مقالات اخرى للكاتب