البلاء والمحن هي اختبار للروح فهي ان كانت في ظاهرها قاسية ومؤلمة ولكن .. بها جوانب مشرقة واشراقتها هي انك تكتشف قدرتك على تحمل الصدمة اضافة الى مقدار الحب الذي يحمله لك اصدقائك ومحبيك من خلال سؤالهم عن وضعك واحوالك .. وتتنوع المحن لكن اكثرها شيوعا هي محنة المرض فالامراض التي تصيب الانسان هي بلاء من الله لتكفير ذنوب الانسان وزيادة بالاجر ولايضيع الانسان الاجر من بين يديه بقلة صبر الانسان وكثرة سخطه .. قبل اكثر من خمسة عشر يوما تسابقت عقارب الساعة لتسقطني ارضا .. تسابقت عقارب الساعة لتصل الى نقطة النهاية قبل موعدها المحدد في الزمن الافتراضي المحسوب بارادة الله .. تسابقت عقارب الساعة لتجعلني طريح الفراش اصرخ من الالم لاخرج وحش غريب سكن جسدي واخذ هذا الوحش ينهش باحشائي وصحتي فاسكنني طريحا فوق الشراشف البيضاء حتى مللت استلقائي فوقها حتى الابر نهشت جسدي فباتت اشبه بسكاكين الجزار وهي تنهش بجسد شاة معلقة .. وكأني انظر صباح مساء كل يوم الى كيس معلق فوق رأسي ليسكب في عروقي قطرات ماء مخلوطة بمحلول طبي لتنهش جسدي خوفا ورعبا حتى الطعام حرمت من لذته فما ان انتهي من تناول وجبة من السوائل المقرفة وتسمى وجبة غداء حتى ابدأ بتناول وجبة اخرى اكثر قرفا تسمى وجبة عشاء كنت اتناولها وعيوني ترنو من بعيد الى مائدة طعام العائلة حيث الرز العنبر الذي تفوح منه رائحة لا اقوى على مقاومتها اما " مرقة " الباميا فحدث ولا حرج انها تسيل لعابي وتجعلني اعيش كالمخبول يسعى لالتهام ولو بالقدر القليل " لقمة " لكن محاذير تفاعل الالم تجعلني اقف متسمرا مثل تسمر سيارة امام اشارة المرور الحمراء .. كم كنت اتمنى ان اراجع الطبيب الاختصاص ليعطيني الضوء الاخضر لتنفيذ هجوم كاسح على العدو المفترض " الطعام " ولا باس ان يكون " تشريب باللحم مع الحمص والنومي بصرة محاطا بالبصل والخضرة " صدقوني سيكون هجومي كاسح ولاتهمني نوع المقاومة والمتاريس التي ستوضع امامي لاني ان نفذت هجومي بايعاز من قائد العمليات العسكرية " الطبيب الاختصاص " سيكون هجوما كاسحا ساستخدم خلاله كل وسائل الهجوم المتاحة حتى اقضي قضاءا مبرحا على العدو المفترض " التشريب " لكني ساكون حذرا من عدو يتربص بي ليطرحتي ارضا ويعبث بي مقتلا مثلما فعل خلال المعارك السابقة وهذا العدو الذي اتحاشى الللقاء به اشبه مايكون قناصا مختبي وراء ستار واضعا سبابته فوق الزناد متأهبا لتوجيه اطلاقته نحو احشائي هذا القناص يلقب " بابي مخلل الطرشي " وهو عنصر خبيث ان دخل المعركة كانت له فيها صولات وجولات وعمليات غدر من غير المستبعد ان تطرحني ارضا فاقع اتلوى من آلام القولون ومضاعفاتها مثلما حصل لي بعد ان لعنت الساعة التي اغرتني النفس الامارة بالسوء بتناول كمية من المخللات ليلا وضعتني طريح الفراش اتلوى من آلام مبرحة جعلتني ان اضع علامة حمراء على قائمة تناول المخللات واعتبرتها من ضمن الاطعمة الممنوع تناولها مستقبلا لابل جعلتها بموستوى الاسلحة المحرمة التي كانت تبحث عنها لجان التفتيش خلال فترة حكم النظام السابق .ما ورد في مقالي ليس رواية ولا خيال بل هي قصة عايشتها وروضت نفسي على تقبلها بعد خمسة عشر يوما من المرض .. وهي رسالة تحذير من الوحش الذي يتربص بنا والذي نضعه جزافا في مصاف الاطعمة المشهية وانا اضعه في مصاف الاطعمة المحرمة .. وهي رسالة الى كل من يقاسي ويلات آلام القولون " جنبكم الله شره "
مقالات اخرى للكاتب