الكتابة عن الملوك و الرؤساء والشخصيات السياسية والاجتماعية مسألة جد خطيرة بل ومثيرة للجدل والخلاف في عالم اليوم قد تصل بالمتصدي لها بان يدفع ثمنا يصل الى حدود شخصيته وقد تكون الكتابة عن تلك الشخصيات حكايات صحيحة او غير صحيحة لكنها في كل الاحوال حكايات تم نقلها من اناس عاشوا تلك الفترة وقد تكون هذه الحكايات معرضة للكذب والتلفيق في ضوء التراكمات التي يحملها الراوي سواء كانت هذه التراكمات سلبية او ايجابية عن الشخص المنوي الكتابة عنه وتبقى هذه الحكايات في كل الاحوال حكايات بعيدة عن السياسة .. حكايات طريفة تشبع نهم القاريء الذي مل السياسة للتعرف على المشاعر الشخصية لشخصيات كان لها الاثر الكبير في التأثير على الجماهير خاصة وان المواطن بات اكثر حاجة للعودة لروح النوادر والطرائف التي تعودنا سماعها في مجالسنا من اجل ان نخفف من قساوة واقع الحياة الاجتماعية التي نعيشها حاليا والتعرف على كوامن الشخصية القيادية التي سادت المنطقة عموما والعراق خصوصا .
ومن الطبيعي أن تكون أغلب الحكايات عن الشخصيات الشهيرة في الماضي معرضة للشك والريبة لأنهم لا يستطيعون الدفاع عن أنفسهم بعد وفاتهم وقد يكون هناك من يقسم أن الحكاية صادقة بل أنه كان شاهدا عليها وكم هو كبير عدد الكذابين في العالم. وسوف نذكر هنا بعض الحكايات التي ذكرت في التاريخ العراقي الحديث ..وهي في كل الاحوال محاولة لعودة الروح للنوادر و الطرائف التي تعودنا سماعها من أجل ان نخفف من قساوة واقع الحياة الأجتماعية ومن الحكايات الطريفة عن رئيس الوزراء في عهد النظام الملكي ياسين الهاشمي ماحدث عندما هاجمه احد نواب البرلمان عندما كان رئيسا للوزراء حيث اعتاد كثير من العراقيين التلفظ باسم بلدهم " العُراق" بضم حرف العين بدلا من كسره وكان منهم رئيس الوزراء الهاشمي فقد هاجمه احد النواب وقال له " انت تتكلم عن العِراق واحوال العِراق وتطوير العِراق وانت لاتعرف حتى تنطق باسم العِراق فتقول عُراق بدلا من عِراق " فاجابه ياسين الهاشمي قائلا " نعم انا اقول العُراق ياسيدي ولا اقول العِراق .. لانني اسعى دائما لرفع عين العُراق بين الامم لا كسر عين العِراق " فضج المجلس بالتصفيق والهتاف .. بهذه الروحية الوثابة والتي تدلل على سرعة البديهية كانت اجابة رئيس الوزراء الذي لم يتشنج ولم يغضب بل عالج الموقف بروح فكهة اثارة اعجاب الحضور من النواب .
ومات رئيس الوزاء ياسين الهاشمي في بيروت بعد تركه العراق بعد الانقلاب العسكري الذي قاده الفريق بكر صدقي في 29 تشرين اول عام 1936 ليدفن في دمشق ولم يبقى من ذكر الهاشمي الا بيت كبير ظل شاخصا في منطقة الوزيرية قرب اكاديمية الفنون الجميلة وتقدر مساحته بخمسة دونمات ويعتبر من الشواخص التراثية التي بنيت خلال العقود الماضية من الزمن الجميل حيث يرى فيه الناظر روعة التصميم المعماري والريازة والبناء يتوسطه حديقة كبيرة غناء بالزهور والاشجار مع حوض سباحة خلف الدار بني على الطراز القديم .
هذاا الدار التراثي مازال شاخصا وسط بغداد يحكي قصة الزمن الجميل الذي عاشه العراق .. وظل حبيس مكانه بعد ان شهد عمليات تأجير لجهات اجنبية استخدمته كسفارات كما تم تأجيره من قبل الورثة الى نقابة الصحفيين العراقيين ليكون نادي اجتماعي للصحفيين لغاية عام 2003 حيث اعيد الى ورثته الشرعيين ومن ثم تم استثماره كمرأب للسيارات مما يمثل استهانة وقلة معرفة بقيمة هذا الاثر الذي ظل شاخصا يروي قصة رئيس وزراء عاش وطنيا مخلصا لبلاده .ومات منفيا منسيا
مقالات اخرى للكاتب