يكاد المواطن العراقي يتيه, لكثرة الأخبار الواردة والمتضاربة حول نتائج الانتخابات, واجتماعات الكتل وتفاوضها مع بعضها.
رغم أن النتائج لم تعلن أو تظهر بشكل نهائي, فالتفاوت كبير فيما يتوقعه المراقبون, وما تعلنه بعض الكتل السياسية لما حققته من نتائج من مقاعد, إلا أن الأغلب منهم بدأ يرفع نتائجه المتوقعة, ومعها سقف مطالبه, واستحقاقه الانتخابي.
لجا البعض من الأحزاب والكتل, إلى طرق مبتكرة في التفاوض المسبق, من خلال تسريب أخبار لقاءات واتفاقات مع كتل ,ليوهم بقية الكتل انه اقترب من تحقيق العدد المطلوب لتشكيل الحكومة, أو استخدم نفس الفكرة بطريقة أخرى, فسرب أخبارا عن تحالفات كتل مع كتل أخرى, وأتهمها بأنها تشق صف الجماعة أو المذهب, أو الخيانة حتى, باستبعاد الشركاء الأقرب!.
لان العراقيين اعتادوا كذب ساستهم المستمر, فهم لا يصدقون كل الكلام, لكن الإحباط والفشل في تحقيق ما تصبوا إليه عيون الناس خلال السنوات السابقة, جعلهم يهتمون بأبسط خبر, ويبحثون عن ومضة أمل, لكن الساسة في وادي أخر, وخصوصا بعد انتقال التفاوض من الدعايات والأكاذيب والتمويه إلى..سيارات مفخخة,وكاتم للصوت!.
الأكيد في الموضوع أن كثيرا من تلك الأخبار كاذبة, وان معظم تلك اللقاءات بروتوكولية وللتهاني على الأقل لحد الآن, وان التفاوض الحقيقي يتم في الغرف المغلقة, ومن قبل رجال الظل, وان الحكومة ستولد بعملية قيصرية, بعد فترة طلق ستطول حسب استعداد القادة لتقديم التنازلات السياسية, وقبول التسويات لمصلحة الوطن.
في احد الأيام رافقت والدي ,تغمده الباري برحمته, إلى مجلس صلح عشائري, أو ما يعرف "بالمشية", وكان هناك كثير من الكلام التصعيدي, والتهديد المبطن, والرد المقابل, وتصنع التصلب في المواقف وعدم التنازل, ثم ومن دون مقدمات انحلت الأمور وتم الاتفاق والصلح, وحلت القضية, وعدنا فسألت والدي عن الكلام الذي دار والتصعيد والتهديد والوعيد, فقال بابتسامة الخبير المجرب بأمور الحياة" أنها قناني غاز يفجرونها بوجه بعضهم الأخر, صوت وصورة فقط, لا تضر ولا تنفع".
العراقيون تحملوا كثيرا, ولديهم القدرة على تحمل الأكثر"من قناني الغاز", إن كانت بالصوت والصورة فقط, ولكن هل هي صوت صورة فقط؟!.
وهذه الدماء؟أو ليس لها ولي؟.
مقالات اخرى للكاتب