في معظم أنظمة العالم السياسية تكون المعارضة في البرلمان, مقومة ورادعة لأفعال الحكومة وسياساتها, ومسانده لها أحيانا أخرى.
بعض هذه المؤسسات, نتيجة لتركيبتها المعقدة و لسوء حظ مواطنيها, تعمل بسياق مختلف, فيكون البرلمان أو مجلس النواب, معرقلا للحكومة, وتكون الحكومة عدوة للبرلمان, والنتيجة, أسوأ ما يكون للمواطن.
في العراق, ونتيجة للأخطاء التي ارتكبت في بدء تشكيل العملية السياسية, صارت الحكومة ومجلس النواب, عدوين وبشكل سافر وصريح, فصارت الحكومة تتهم البرلمان بأنه من يعرقل مشاريعها, وسبب فشلها, وصار البرلمان يتهم الحكومة بأنها هي من ترسل قوانين ملغمة له, ولا تتيح له ممارسة دوره الرقابي, بسبب امتلاكها لكتلة كبيرة تدافع عنها في المجلس, والحقيقة هي أن كليهما فشل لأسباب ذاتية فيه.
كان قانون التقاعد الذي اقر مؤخرا, وما فيه من فقرة سيئة الصيت تخص امتيازات أعضاء مجلس النواب, خطيئة كبرى, ارتكبها المجلس واستفادت منها الحكومة, وجعلت المجلس كبشا للفداء وحملته كل الأخطاء, حتى التي حصلت خلال العهد العثماني..رغم أن هذه الخطوة سبقها وضع نفس الامتيازات, للرئاسات الثلاث والوزراء, من قبل الحكومة نفسها!.
رد فعل المجتمع الغاضب, انصب فقط على مجلس النواب, رغم أن الموضوع لم يختص بالنواب وحدهم كما سبق, فلما هذا التركيز فقط على النواب؟ وهل أن الموضوع يتعلق بانخداع الناس, وعدم اكتمال الصورة لديهم؟ أم أن النواب فعلا أحق باللوم, لأنهم ممثلي المواطن والمشرعين له؟ أم أن الموضوع موجه, وتستفيد منه جهات أخرى ومنها الحكومة؟.
من الواضح أن هناك غضبا شعبيا, نتيجة إهدار حقوق المواطن, لصالح فئة قليلة من المنتفعين, وبشكل سافر وصفيق, ولكن استغلال ذلك من قبل الحكومة, لتسقيط البرلمان كمؤسسة, وإبعاده عنها نفسها.. ليس لائقا.
القانون أعدته الحكومة, وأرسلته إلى البرلمان ليقره أو يعدله أو يعيده, وسبق للحكومة أن أقرت نفس الامتيازات لنفسها, وبصمت ومر القرار مرور الكرام..وإلا فكليهما شريك في الجريمة.
مقالات اخرى للكاتب