اعرف جيدا ان هذا الموضوع ككل المواضيع الاخرى الفنية ، الاجتماعية و الثقافيه المهمة في حضارة اي امة ، هي من الامور taboo topics، من المواضيع المحرمة التي قد تودي بمن يتطرق لها الى التهلكة الفكرية خصوصا في العالم العربي ثم الاسلامي عموما . موضوعي عن الموسيقى و الغناء ، الذي تدهور و هبط كاي انتاج عربي " مع لاسف و عندما تقدم اي دراسة جدية بتقيمها لهذا الفن الرفيع ، تتطور الحالة فيصبح الموضوع و السجال غير رفيع ، و تسحب الدنيا الى حالة فوضى . كحالة الفوضى التي يعيشها هذا العالم "العربي"! . و السبب في اعتقادي المتواضع هو مسئلة المستوى الثقافي الهابط عند المتلقي ، المستمع ، او المستمتع او المتونس طربا . كما يقيم مستوى التعليم و الثقافة عندما يحاول اي انسان متعلم الكتابة عنها . و من الملاحظ و المؤسف ان تردي المستوى الثقافي ابتدء عندما حاول البعض فرض ايدلوجيات غريبة عن المجتمعات العربية دون اي مقدمات او تقيم للغهم العام للمجتمع ، خصوصا الهبوط منذ بداية الخمسينيات ، عند فرض قضية القومية و الاشتراكية و حتى العلمانية ثم الدينية ، كما هي الحال مؤخرا .و لا يحتاج الباحث للشواهد الصورية اكثر من الرجوع الى صور تاريخية عربية لفترات متفاتة من الزمن ، الاربعينيا و الخمسينيات و حتى الثمانينيا ، هبوطا الى يومنا هذا . كصور من الحياة ، غير مهم ان تكون مستندات او كتب او نشرات لوزارات الاعلام العربية التي تغطيها البروبكندا الحكومية او الحزبية و انما عند النظر الى صور اعتيادية لناس اعتيادين من الحياة . و كما اتصور ان الموضوع واسع شائك و معقد . و لسهولة تبيان وجهة الراي ، ساحصره في اوسع المواضيع الترفيهية الحالية التي تقدم من اوسع وسائل الاعلام و التلفزة و الاذاعات . انه موضوع الموسيقا والغناء.و لكي لا اتوسع في بحث موضوع هو واسع اصلا ، ساتناول مثالان فقط ، هذان المثالان يشملان الموسيقا ، الاداء اي الغناء و الكلمات و المتلقين و يشمل المثال مؤلف قديم طالما يتناوله او يؤديه فنانون ، مغنين و موسيقين مشهورين ، لهم باع طويل في الانتاج و الشهرة .كما اعرف مسبقا انني عندما سوف انتقد ربما ستشعل سلفة سلافاي . و هذا غير مهم عندي. فكل بحث له من يتطوع بالسب و الشتم .
اعيد مؤخرا نشر مقطع مصور تلفزيوني لاغنية "محلا الحبيب " تلحين محمد عبد الوهاب و غنائه مع السيدة نجاة علي . ادى هذه الاغنية السيد وديع الصافي ، وهو علم في عالم ! الغناء العربي كما يضعه عشاقه ، و غنت معه السيده الراحلة ربى الجمال ، وهي مغنية اقل شهرة بكثير من وديع الصافي .و لها اغنيات قليلة لحنت لها خصيصا .
كان اداء وديع الصافي غير جيد او متراوح .و لم يهتم لاداء هذه الاغنية اكثر من موضوع عودته للحضور و لديمومه سمعته القديمة .كما اعتمد على السماع المترسب و الثابت في اذهان المتلقين بحيث تجاوبوا مع اللحن و الاداء القديم الثابت اصلا في اذهانهم اكثر من ملاحظة ادآء وديع الصافي .
اما اداء السيدة ربى الجمال فكان رائع و من احسن الامثلة للغناء الذي يؤدا بصورة عالية و يعبر عن ترجمة رائعة للحن و مزج الكلمات بل غناء الكلمات تفصيليا ، اي التوسع في غناء كل كلمة و ليس عبور اصغرها لقلة اهميتها او لصعوبه ادائها. كما لربى الجمال نطق واضح لكل حرف من احرف الكلمة ، و من اجل ان استمتع بغنائها و ترجمتها اللحن و تعبيرها الحسي لمفردات الاغنية، اعدت الاستماع لعدة مرات ، كما تعمقت باصرار و بتجاوز مسموح به لصوتها و هي تنشد او تؤدي كلمات / شعر الاغنية ، او ما هو معروفه في فن الغناء الاوبرالي
ب
Performance and Melody interpretation of the song
و انتابتني حالة اعجاب غريبه شدتني لتراث يتجدد في غفلة عن ما يريده الارهاب الاسلامي الوهابي المتخلف الذي يفرضه على الشعوب بحجج لم ياتي بها من سلطان
كما استفادت او استغلت السيدة ربى الجمال كل طاقاتها الصوتية المتعددة في ادائها لهذه الاغنية او لهذا المقطع ، وهذا مهم جدا في الاداء ، خصوصا عند مغني الاوبرات .فرجعت الى الوراء و تذكرت غناء السيدة تم كلثوم في اغنية " الاولة في الغرام ، كلمات بيرم التونسي و الحان الشيخ زكريا احمد ، كان من اصعب الاداء حين عصر زكريا كل امكانات و طبقات ام كلثوم الصوتية و توسع في سحبها عرضيا بحيث اتعبها و اضناها .الامر الذي جعل ام كلثوم تتمدد هي الاخرى في الاداء باكثر مما كان متفق عليه فاجادت و ابدعت .و لم تغني ام كلثوم هذه الاغنية لعدة سنوات لصعوبه ادائها ، او لصعوبة خلق اجواء تاخذ المغني الي مساحة تسمح له بالتصرف و الابداع .
، لي ربى الجمال او عندها طبقات من الاصوات او الحبال الصوتية القصيرة ذو السعة العالية التي تساعد على اداء مقامات صعبة و كثيره. ما لا يملكه كثير من المغنين و المغنيات العرب . حتى عند السيدة فيروز لان مجالات طبقاتها الصوتية محدودة و ليس هذا عيب( ابدا) . ثم استمعت لربى في اداء كثير من الاغاني المعروفة القديمة و لم احضى باغاني كثيرة لحنت لها خصيصا ، مع الاسف . لقد جرب كثير من المغنين خصوصا في بداية حياتهم الفنية باداء كثير من الاغاني الشهيرة المعروفة و ( المرغوبة شعبيا ) كل له مستواه !.
يعتمد هذا التصنيف للاصوات عالميا ، كما في ادناه
النساء:-
Soprano
Mezzo—soprano
Contrato
الرجال:-
Countertenor
Tenor
Bariton
Bass
و صوت ربى الجمال من نوع سبرانو متسو . مع طبقات صوتية قصبرة كثيرة ، و السبرانو هو اعلى الاصوات و يختلف عنه بقليل المتسو من ناحية العمق .
لنستمع لهذه القطعة الغنائية قبل الاستمرار في قراءة ما كتبته ، ان كنت مصيبا.
https://youtu.be/IdEtIWAS0Ls
لم يكن اداء وديع الصافي دليل على قدرته الصوتية و لم يكن مندمج مع جو الحفلة او العرض ، لكنه و لخبرته الطويلة عرف كيف يستميل المستمعين له اعتمادا على خلفية الاغنية و رسوخها في اذهان الناس ، كما اعتمد على الخلفية المستترة و الثايتته في اذهان الناس عن مستواه ، اي لمعرفة الناس له و لغنائه القديم .كما اتصور و ارجوا ان اكون مخطا ، ان وديع ساهم في هذا الحفل و كانه اب او راعي يعطف على مغنية شابة ليشجعها .فنسمعه ياخذ المبادرة ليذكرها و يميل لطرفها ليشعرها بوقت ادائها ، فيخطي .
لاحظ المقطع من الشريط عند الدقيقة .٣.١٦ ثانية .لنستمع و نستمتع كيف ان السيدة ربى الجمال كانت مندمجة جدا و لم تهتم لهذه الملاحظات .بل بالعكس استمرت متاكدة من نفسها فانطلقت تغني كل كلمة بتصرف حسي عالي . وهذه من الامور الصعبة جدا ، ان يغني اي مطرب كل كلمة بادآء منفرد متونع و بحس غنائي كامل و ليس مرورا مستلزما للوصل الى كلمات اللحن الاساسية ، و كانها كانت تغني/ تحكي لنا قصة حب حزينة مليئة بالعاطفة ، فركزت على اداء / غناء كل كلماتها . حتى في الغناء الاوبرالي الراقي يصعب غناء كل كلمة و ليس بمقدور اي مغني اداء هذا الابداع ، الا عند من هم مثل السيدة ( 1923ـ1977Maria Callas) .
ارجوا اعادة الاستماع الى المقطع بين الدقائق من ٣،١٦ الى ٤،٥١ .حتى السيد وزيع عند سماع هذا الاداء طرب و شجع و اثنا و اعترف بها كزميلة له متساويان في القيمة و الغناء، وهذه حسنة تحسب لوديع الصافي و اعترافا به.
الان ارجوا الاستماع الى الشريط الاصلي غناء محمد عبد الوهاب و نجاة علي ، للمقارنة
.
https://www.youtube.com/watch?v=Bciv5RfuKJM
نسماع الفرق في الاداء و اضحا بحس عادي ترفيهي اكثر منه غناء للاجادة و الابداع و التوسع بل للانطلاق مع روح اللحن و الكلمات . ليس هذا انتقادا و لا تبجحا و انما تقيم لمغنية انطفئت شمعتها قبل وقتها .
بينما تغني ربى الجمال و تتوسع او تتعمق في الاداء تنصرف و تنتقل من مقام الى اخر دون التجاوز على المقام الاول، بهارموني رائع ، ثم تنحدر بخفة و تعود الى المقام الاصلي . هذه قدرة لا يتمكن من ادائها احد اخر اذا كان الهدف و التطلع للحفاظ على النغم / الرثم الاساسي . كما لا يتمكن من ادائها من لا يجيد كل المقامات .
ما دفعني للمقارنة بين المطربة ربى الجمال و المطربة البريطانية Annie Lennox ، هو الاداء الرائع مع التصرف بلباقة غنائية و باستخذام الامكانيات الصوتية لتزيد على الاغنية اصالة و روعة
تعتبر المطربة اني لنكس ، اهم الاصوات الفوكاليه في بريطانيا للخمسين السنة الماضية فسموها ب الديفا
"The Diva " اخترت احدى اغنيات السيده لنكس للمقارنة عند الاداء و التصرف الواسع باستعتل قوة الصوت و جدية التعبير عن اللهفة للاداء الذي ترجم من خلال غناء/ اداء كل كلمة و كانها اغنيةخاصة جديدة . https://www.youtube.com/watch?v=W7XRf6dSSk8
ملاحظة . لست دارسا او ذو ثقافة موسيقية اكاديمية ، و انما عن رغبة و معرفتي شخصية لهذا الفن .
مقالات اخرى للكاتب