قال تعالى :إن الله لايحب الجهر بالسوء من القول
نهديكم أطيب الكلمات وأعذب الألحان .
الغناء قول خيره حسنة وشره سيئة وهذا ماذهبت اليه عموم الامة .
اما التحريم السائد بين عامة الناس عن الغناء لهبوط الكلام الى الرذيلة والتلذذ بالمفاتن والنساء والتحسين القبيح والتشجيع على مايتعارض مع القيم السائدة التي تمسك اواصر الناس وتمنعهم من الانزلاق الى مرحلة الفوضى الخلقية التي لاتمسكها قيم .
فهبوط المستوى الكلام وعدم الاحترام والمجاهرة بالفواحش هي من علامات انسلاخ الامم وتراجعها . وتعقيبا على ما أوردته من رأيك الذي أيدته بما سطره صاحب الكوميديا الإلهية بحال الغناء والإمام الغزالي رحمة الله تعالى عليه اتفق معك .
واقول...
الإسلام دين عام للناس كافة وان كانت هنالك مثالب وعيوب فهي ممن يتلفعون بجلباب الدين وباطنهم من طين عفن فالإسلام اقر فسح الترفيه والسياحة واللعب واحترام أعياد غير الملة ومشاركتهم إياها..وسنورد لك جزء مما حظينا به لتأييد ما أوردناه ولدفع الشبهات عن الطعن بالإسلام وانه دين تضييق للحريات وخنق للرغبات.
الله سبحانه حرم كل فاحش من القول ورفضه واتفقت عليه الأديان ووضعت له الحدود ابتداء من القذف للمحصنات الى البهتان الى قول الزور والغيبة والنميمة وما اظنها اكثر حرمة من الغناء الذي يقصد به :
غِناء :
1 - مصدر غنَّى / غنَّى بـ .
2 - تطريب ، وترنُّم بكلام موزون وغيره ، يكون مصحوبًا بالموسيقى أو غير مصحوب ، شدْو " كان يهتمُّ بالغناء والموسيقى "
• يغنِّي غناءً متوائمًا : إذا وافق بعضُه بعضًا ولم تختلف ألحانَه .
المعجم: اللغة العربية المعاصر
غنَّى / غنَّى بـ يُغنِّي ، غَنِّ ، غِناءً ، فهو مُغنٍّ ، والمفعول مُغَنًّى به:
• غنَّى فلانٌ طرّب ، ترنَّم بالكلام ، أصدر من فمه أصواتًا موسيقيّة " سمعته يُغنِّي فأطربني صوته ، - غنَّى لحنًا شعبيًّا "
• غنَّى الحمامُ : صوّت ، - غنَّى على ليلاه : حصر الحديث بنفسه وبما يعود عليه بالنفع متظاهرًا بالترفُّع والتجرُّد .
• غنَّى بالشِّعر : تغنَّى به ؛ ترنَّم به .
• غنَّى بفلان :
1 - مدحه .
2 - هجاه .
• غنَّى بالمرأة : تغزّل بها .
المعجم: اللغة العربية المعاصر
البخاري رحمه الله تعالى أورد باب في صحيحه سماه (التغني بالقران) وفسرته كل ملة بما ضيقت على نفسها به وتشددت على قومها بالتزامه لتمييز مجموعتها وإظهار رأيها مخالفةً لغيرها إن سمحت لي إن أطلق هذا التفسير .
الشافعي رحمه الله اقترب إلى الصواب وقال عنه {أن المراد بالتغني هو تحسين الصوت بالقراءة، قال النووي في شرحه على صحيح الإمام مسلم: وقوله: يتغنى بالقرآن ـ معناه عند الشافعي وأصحابه وأكثر العلماء من الطوائف وأصحاب الفنون: يحسن صوته به.}
وقيل هو الاستغناء عن الناس بالقران .
ولكن الأرجح هو تحسين الصوت لقول رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم لأبي موسى الأشعري (إنما أوتيت مزمارا من مزامير آل داوود) وفي موطئ آخر زينوا القران بأصواتكم .......
والمراد بالصوت هو ليس رفعه والجعير به وإنما إنزال الأحرف منازلها وإيقاع الكلام موقعه لذلك اهتم المسلمون بالقراءات وأخذوها كابر عن كابر ..غير لم يعرفوا العلة من هذه الأصوات والمداخل والمخارج .وإنما فقط تقليد افنص.
وقال الشافعي وموافقوه: معناه تحزين القراءة وترقيتها، واستدلوا بالحديث الآخر: زينوا القرآن بأصواتكم.
قال الهروي: معنى يتغنى به: يجهر به، وأنكر أبو جعفر الطبري تفسير من قال: يستغني به، وخطأه من حيث اللغة والمعنى، والخلاف جار في الحديث الآخر: ليس منا من لم يتغن بالقرآن ـ والصحيح أنه من تحسين الصوت ويؤيده الرواية الأخرى يتغنى بالقرآن يجهر به.
إلى هذا نذهب إلى أن الله سبحانه لم يحرم بدون علة وإنما علته الكلام الفاحش فقط وهو ما يكره سماعه
وروى الغزالي رحمه الله تعالى في إحيائه قصة الحادي الذي اهلك العير بحزن صوته حتى فطن إلى هذا سيده وعزله مخافة الهلاك .
وروى أهل الحديث بسند يصل إلى درجة الصحة عن افراح المسلمين (وورد في مجلس من أمالي أبي نعيم)
(حديث مرفوع) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُظَفَّرِ ، إِمْلاءً , ثنا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدِ بْنِ عَمْرٍو الْحِمْصِيُّ ، ثنا أَبِي , ثنا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ ، ثنا أَيُّوبُ بْنُ خَوْطٍ ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ أَبَا بَكْرٍ دَخَلَ عَلَيْهَا وَعِنْدَهَا قَيْنَتَانِ تُغَنِّيَانِ مَا قِيلَ يَوْمَ بُعَاثٍ ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ : يَا عَائِشَةُ ، أَبِمَزْمُورِ الشَّيْطَانِ ؟ وَنَبِيُّ اللَّهِ مُضْطَجِعٌ فِي نَاحِيَةِ الْبَيْتِ ، فَقَالَ : " دَعْهَا يَا أَبَا بَكْرٍ لِكُلِّ قَوْمٍ عِيدٌ وَالْيَوْمَ عِيد"
جاء عن عائشة رضي الله عنها قالت: (( ...وكان يوم عيد يلعب فيه السودان بالدرق والحراب، فإما سألت النبي صلى الله عليه وسلم، وإما قال: (تشتهين تنظرين؟).
قال الحافظ ابن حجر: (( وفي الحديث: جواز النظر إلى اللهو المباح، وفيه: حسن خلقه صلى الله عليه وسلم مع أهله، وكرم معاشرته))
عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت ( ولما قد وفد الحبشة على رسول الله صلى الله عليه وسلم قاموا يلعبون في المسجد فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يسترني بردائه، وأنا أنظر إليهم، وهم يلعبون في المسجد، حتى أكون أنا الذي أسأم، فاقدروا قدر الجارية الحديثة السن، الحريصة على اللهو).
وقد استنبط الحافظ ابن حجر من رواية: (( ولما قدم وفد الحبشة على رسول الله صلى الله عليه وسلم)) أن الحادثة المذكورة وقعت بعد فتح خيبر، وقدوم جعفر بن أبي طالب إلى المدينة، ومن المعلوم أن فتح خيبر كان في شهر محرم، سنة سبع من الهجرة.
إقراره صلى الله عليه وسلم أهله على سماع الغناء المباح من الجارية يوم العيد:
يدل على ذلك ما جاء عن عائشة رضي الله عنها قالت: (( دخل عليَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم [ في يوم فطر – أو أضحى ] وعندي جاريتان [ من جواري الأنصار]تغنيان بغناء بُعاث, [ قالت: وليستا بمغنيتين ] فاضطجع على الفراش، وحوَّل وجهه، ودخل أبو بكر فانتهرني، وقال: مزمارة الشيطان عند النبي صلى الله عليه والسلام! فأقبل عليه رسول الله عليه وسلم فقال: ( دعهما [يا أبا بكر، إن لكل قوم عيداً، وهذا عيدنا]. فلما غفل غمزتهما فخرجتا )).
معنى قوله: (( ليستا بمغنيتين )) أي ليستا ممن يعرف الغناء كما يعرفه المغنيات المعروفات بذلك، وهذا منها تحرز عن الغناء المعتاد عند المشتهرين به، وهو الذي يحرك الساكن، ويبعث الكامن، وهذا النوع إذا كان في شعر فيه وصف محاسن النساء والخمر، وغيرهما من الأمور المحرمة لا يختلف في تحريمه.
قال الإمام الملهب بن أحمد بن أبي صفرة ( ت 435هـ ): (( وكان أهل المدينة على سيرة من أمر الغناء واللهو، وكان النبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر على خلاف ذلك، ولذلك أنكر أبو بكر المغنيتين في بيت عائشة لأنه لم يرهما قبل ذلك بحضرة النبي صلى الله عليه وسلم، فرخص في ذلك للعيد، وفي ولائم إعلان النكاح ))
أن السيدة عائشة رضي الله عنها كانت تلعب بالبنات، وتصور منها الأشكال الغريبة، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يمازحها في ذلك ويضحك، يدل على ذلك ما جاء عن عائشة قالت: قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم من غزوة تبوك أو خيبر وفي سهوتها ستر، فهبت ريح فكشفت ناحية الستر عن بنات لعائشة لُعَبٍ، فقال: ( ما هذا يا عائشة؟ ) قالت: بناتي، ورأى بينهن فرساً له جناحان من رقاع، فقال: ( ما هذا الذي أرى وسطهنّ؟ ) قالت: فرس، قال: ( وما هذا الذي عليه؟ ) قالت: جناحان! قال: ( فرس له جناحان؟ ) قالت: أما سمعت أن لسليمان خيلاً لها أجنحة؟! قالت: فضحك حتى رأيت نواجذه.