بعد سقوط الصنم ودخول المعارضة العراقية للبلد استبشر العراقيون خيرا في نهاية فترة مظلمة من تأريخ العراق المعاصر لأكثر من 35 عام . فبالإضافة إلى الحكم الدكتاتوري والفساد الفكري والمالي والإداري دخل الإرهاب بكل وقاحة وصلف مستغلا فترة الاحتلال ذريعة لتنفيذ خططه . تشكل مجلس حكم وحكومة مؤقتة وجمعية منتخبه ثم برلمان اختاره الشعب بالرغم من الظروف الصعبة أملاً منه في تغيير الأحوال إلى الأحسن , مخاض عسير ,ولكون التجربة ألديمقراطيه حديثة عهد لم يعرف العراقيون ممارستها فقد دخل على الخط الانتهازيون وسياسيو ألصدفه إلى البرلمان ومنها إلى مفاصل الحكومة ولم يكن همهم سوى الجلوس على كرسي والحصول مغانم وامتيازات خاصة وتكوين حكومة بأي شكل من الأشكال بغض النظر عن النزاهة والكفاءة والاختصاص بعيدا عن تكوين أسس الدولة العادلة . برلمان هزيل بكل أدائه ونقاشات تتصف بالتعصب كل إلى حزبه أو قائمته بالإضافة إلى الانجرار خلف أجندات فئوية ضيقة تتصف بعضها بالطائفية وبتدخلات أجنبية إقليمية لبعضها بعيدا عن مصلحة المواطن , والنتيجة محاصصةٌ توافق والدستور مركون لا يرجعُ إليه الساسة إلا عندما تُضربُ مصالحهم . تكونت اللجان ,أمنية, اقتصادية , هيئةُ جتثاث ومكافحة فساد وغيرها أسماءٌ رائعة , ولكن أفرغت من محتواها لسيطرة الفاسدين على كل المفاصل في الحكومة . التعيينات لم تتم إلا عن طريق الأحزاب وساد الفساد فمن يتقدم يحتاج إلى تزكيه والتزكية لا تظهر إلا بعدد من الأوراق الخضر أللتي لم يكن يحلم بها أحد فأصبحت بيد كل من هبَ ودب وكل وزارةٍ لها سعرها فالداخليةُ بـ60 ورقة خضراء والماليةُ 40 وهناك وزاراتٌ بـ 20 يا( بلاش ). وهناك ما هو أنكى من ذلك الأجهزة الأمنية أللتي من المفروض أن تحافظ على أرواح وممتلكات المواطن نخرها الفساد حتى وصل إلى مكافحة المتفجرات رشوة تحت سبق الإصرار والترصد تلَبُسٌ ثابت 1300 دولار مقدمٌ لمبلغ مجموعه 3000دولار وهذا في الموصل ,لو كان المستلم للمبلغ شخصا عاديا أو منتسبا صغيرا مع عدم استصغارنا للأمر ولكن أن يكون المرتشي برتبة عميد لغرض إخراج إرهابي من السجن , أما في العاصمة بغداد فقد سمعنا الكثير من القصص المشابهة ولم نكن نصدق بعضها لا لعدم ثقتنا بالراوي ولكن لعلمنا بأن مكافحة الإجرام يقودها ضباطٌ هم مدعومون من أحزابِ قد عانت من الإرهاب فوضعوا أناسا يعتبرون (ثقة منزهين )وكما في نينوى فقد ظهر لنا في أبي غريب مدير مكافحة الإجرام في أبي غريب . لله درك يا عراق لقد أصبح الفساد يزكمُ الأنوف بحيث لا ينفعُ أي علاجٍ غير القصاص فإن "من امن العقاب أساءَ الأدب " . هل يكفي الكشف عن المفسدين بدون محاكمتهم وإعدامهم ليكونوا عبرةً لمن اعتبَر . هل سيرى العراقيون الأمان ممن لا ذمة لهم ولا ضمير ؟ وهل يوجد حلٌ لكبح جماح الساسة الفاسدين لكي يهيئوا لنا أنساً مهنيين همهم تطبيق العدل والاقتصاص من القتلة والمجرمين ؟ فقد بلغ السيلُ آلزُبى وطفح الكيل . فهل يُحَكًم الدستور وتنتهي التوافقات ؟هذا ما ستكشفهُ الأيام .
مقالات اخرى للكاتب