يبدو أنه كُتب على العراقي ـــ كقدر لعين ـــ عدم الاستقرار و مزاولة فكرة النزوح و الهجرة الداخلية و الخارجية ، بسبب تصاعد وتيرة أعمال العنف و الإرهاب في العراق مجددا ، وبشكل أعنف و أشد وأكثف مما في السابق ، و بشكل يومي حينا وفي أغلب الأوقات حينا أخر ، لتأخذ الأعمال الإرهابية هذه طابعا أشد خطورة من خلال تحولها إلى أقرب إلى تهيئة ومقدمات حرب أهلية يؤجج أوار نيرانها إرهابيو " القاعدة " من جهة و المليشيات المسلحة من جهة أخرى ، فإلى جانب التفجيرات الإجرامية اليومية التي تستهدف المناطق و الأحياء ذات الأغلبية الشيعية حاصدة ألافا من الضحايا العزل ، بدأت الأخبار و التقارير تتحدث عن عثور على بضعة " جثث مجهولة الهوية " ــ يعني من أهل السنة ـــ وهي مصابة بطلقات في الصدر و الرأس ، إشارة إلى عملية قتل متعمدة و ذات دوافع طائفية ، زائدا تفخيخ البيوت و تفجيرها على رؤوس ساكنيها المذبوحين بسكين التكفيريين مؤخرا من ناحية ، و تهديد عوائل ــ من عشيرة السعدون السنية ـــ و إرغامها على الهجرة و النزوح من بعض محافظات الجنوب كالبصرة و ذي قار من ناحية أخرى ..
فكل هذه الممارسات الإجرامية و ذات طابع طائفي ، تُذكّر أو بالأحرى تُشير إلى أجواء الاحتراب الطائفي الذي اندلع ما بين عامي 2006 و 7 و التي يتذكرها العراقيون كأجواء كوابيس مرعبة و رهيبة ،اُرتكبت من خلالها فظائع شنيعة ، و يرتعبون منها إيما ارتعاب حتى من مجرد فكرة رجوعها مجددا ، لما احتوت على مآس و فجائع وكوارث وطنية مخيفة ، أضرت كثيرا بالسلم الأهلي و خلقت شرخا عميقا في النسيج الوطني و مزقته بشكل يحتاج إلى وقت طويل للترميم و التلحيم ..
فكيف يكون الأمر إذا جاءت موجة جديدة من احتراب أهلي شامل و طاحن ، ليقضي على أخر أمل في إمكانية العيش المشترك تحت خيمة وطن واحد و موحد ؟..
لهذا لا نفهم لماذا هذا الصمت و التفرج انتظارا لمجيء العاصفة الدموية و حصول الكارثة الوطنية الشاملة و الخراب الأخير ..
أم إن العراقيين قد ملوا وضعهم المزري الحالي ، وكذلك هذه المراوحة الدائمة في المربع الأول الجهنمي و الفظيع ويتوقون إلى خلاص نهائي ، ليخرجوا بأي ثمن كان ، من مأزقهم الراهن و المسور بجدار سميك من يأس و إحباط ....
ولو ........
نقول ولو بحرب أهلية شاملة و نهائية تحسم الأمور الاستثنائية و تركنها على وضع جديد قد يجلب بشكل نهائي شيئا من استقرار و أمن و أمان للعراقيين و بأي ثمن كان !!..