لمح الأستاذ عبد الرحمن الراشد في تعليقه على العودة إلى إثارة مسألة لوكيربي إلى أمرين: الأول أنه مضى على القضية وضحاياها 26 عاًما٬ والثاني أن الأهم هو التركيز على ضحايا ليبيا اليوم. نقطة نظام. أنا أعتقد أن العدالة لا تهزم ولا تموت. والهدف الأول من القانون٬ بجميع مراحله: التحقيق والمحاكمة والاستئناف والتمييز٬ وصدور الحكم هو منع الجريمة التالية٬ أكثر مما هو التعويض عن الماضية. محاكمة «لوكيربي» كانت إجهاضا للقانون٬ شارك فيها الغرب بكل صفاقة. وتم تحميل موظف بسيط واحد جميع تبعات الجريمة الجماعية٬ وهو أمر لا يقنع حتى حاجب المحكمة. ومع ذلك٬ تقَّبل العالم٬ ببلادة فاقعة٬ التحقيق٬ والمحاكمة٬ والحكم الذي صدر على عبد الباسط المقرحي٬ الذي طالما شدد على براءته. وكنت كلما كتبت عنه٬ اتصل بي من سجنه ليقول إنه بريء «وسوف أشرح ذات يوم». لكنه مات مريًضا في طرابلس دون أن يشرح. وعندما وصل إلى ليبيا٬ استقبل كبطل وطني٬ وتقَّدم المستقبلين يومها صديق الغرب سيف القذافي. العودة إلى مسألة لوكيربي ضرورة إنسانية من أجل القانون٬ لا من أجل الضحايا فقط. وضرورة من أجل كشف بقية الجرائم الكبرى في أقبية الجماهيرية٬ من اختفاء الإمام موسى الصدر٬ إلى اختفاء وزير الخارجية الليبي الأسبق منصور الكيخيا. لكن القضاء الليبي الحالي لاُيعَّول عليه كثيًرا في هذا الجو من الرعب والفلتان. والجريمة لاُتمحى بجريمة أخرى٬ كما حدث في قتل القذافي وأبنائه. جميعهم٬ كمرتكبين٬ يستحقون محاكمة حقيقية. ومن الأفضل للعالم أن يطالب بنقل المتهمين٬ مهما كانت تهمهم واضحة٬ إلى محكمة دولية تصدر الأحكام٬ لا الثأرات والانتقامات. لا حرية للقتلة٬ ولكن أيًضا لا تسخيف للقانون٬ ولا ظلم للمتهمين٬ ولا سجن بلا حدود من دون إدانات٬ أو حتى محاكمة٬ كما يحدث منذ أربع سنوات بين جماهيريات ليبيا الجديدة وسجونها٬ من الزنتان إلى سرت إلى بنغازي٬ التي حولت إلى خرائب وجدران محروقة. إذا كان لا بد من القصاص فلا بد من القانون. والقانون غاب عن ليبيا لحظة استغابة إدريس الأول في أول سبتمبر (أيلول) الرقيع. وللأسف لا يزال. ومن أجل أن يصدق العالم التحقيقات والملفات٬ ومن ثم المحاكمات٬ يجب نقلها إلى محكمة دولية. أو حتى المحكمة الأفريقية القائمة الآن في السنغال. وإلا فلن تلتئم جروح وندوب ومرارات آلاف الليبيين والأجانب
مقالات اخرى للكاتب