قرات مقالة لكاتب ,لا يحب الديمقراطية ويحن الى نظام القهر في العراق , يبكي فيها على سنوات السبيعنيات من القرن الماضي ويعتبرها سنوات خير حيث كان يذهب الى السوق وهو يحمل دينارين ويرجع منه و "علاكته " مملوءة بالفواكه والخضر واللحم واللبن . الكاتب يقول لقد اصبح العراق امريكي وأبناء العراق أمريكيين ويتسائل لماذا لا نستعمل الدولار بدلا من الدينار عملة للتداول وبذلك نتجنب الغلاء الفاحش في السوق العراقية . تصفيط كلام , لا غير , وجهل كامل بمبادى الاقتصاد .

الكاتب الغى (طفر) سنوات 1980- 2003 عن قصد والتي تعتبر الاسوء في تاريخ العراق الاقتصادي , حيث شاهدت هذه الفترة تدهور لقيمة الدينار العراقي مقابل العملات الأجنبية الأخرى لم تشاهدها عملة أي دولة في المنطقة , حيث تدهورت قيمة الدينار العراقي من 2.8 دولار لكل دينار عراقي الى ما يقارب 5000 دينار عراقي للدولار الواحد . بالمقابل وصلت أسعار السلع والخدمات حد الا معقول , ارتفع سعر كيلو السكر من 200 فلس عام 1990 الى 450 دينار وارتفع سعر كيلو الطماطة من 270 فلسا الى 150 دينار , وارتفع سعر كيلو لحم الغنم من 7 دنانير الى 2500 دينار.

التغيير السياسي في العراق أوصلت كاتبنا المحترم درجة من الهيستريا لحد يريد ان يلغي عملة العراق , الدينار , وهو عنوان سيادة واستقلالية العراق . عملة البلد شيء مقدس كقدسية رايته , تربته , دستوره , و تاريخه . وعليه فان تمزيق العملة الوطنية يعتبر إهانة للنظام يحاكم عليها القانون. العملة الوطنية تعتبر أيضا وسيلة لتعريف الأجنبي عن تاريخ , مقدسات , رجالات , ثروات , و تقاليد البلد . العملة العراقية الورقية تحمل صور لبعض الاثار العراقية , مدن تاريخية , وصور لبعض علماء الإسلام . حسنا فعل البنك المركزي العراقي عندما وضع بعض المعالم الحضارية على وجه العملة من فئة 50,000 دينار (وردة الوتس , الجرة البابلية , العجلة السومرية , شلال من الشمال , طيور مائية والنخلة ) بينما غطى الوجه الاخر منظر من الاهوار والذي اشتمل ( المشحوف , الجاموس , الطيور المائية , بيت البردي , إضافة الى نهري دجلة والفرات) . لا افهم لماذا زعج منظر الاهوار على العملة العراقية بعض الكتاب بالوقت الذي تعتبر الاهوار من الإرث العالمي؟ الطائفية بكل قباحتها .

نعم هناك علاقة بين نسبة التضخم المالي و انخفاض قيمة العملة الوطنية مقابل العملات العالمية الأخرى . أي كلما انخفضت قيمة العملة الوطنية زادت الأسعار والعكس هو الصحيح , وكل العراقيين من عاش حقبة الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي يعرف كيف ان قيمة الدينار العراقي بدات تنخفض حتى وصلت حوالى 5,000 دينار للدولار الواحد , بينما بدات أسعار السلع والخدمات بالتصاعد حتى وصلت نسبة التضخم الاعلى في تاريخ الشرق الأوسط . لقد وصلت الأسعار من الارتفاع الى درجة لم يستطع الاب شراء دواء بسيط لابنه المريض , حيث مات 65 طفل في مستشفى الثورة في يوم واحد بسبب فقدان دواء رخيص متوفر في جميع الأسواق العربية .

لم نقرا حرف واحد من كتاب هذا الزمان يبكي الأطفال الذين ماتوا من نقص الدواء بسبب ارتفاع الأسعار في العراق الجريح تحت حكم صدام حسين ولكن نسمع الدك واللطم من هؤلاء على ارتفاع في الأسعار بنسبة 1.6 بالمئة في السنة وهي نسبة يحسدها اقتصاديات العالم . لقد ارتفعت نسبة التضخم بين عام 1990 و عام 1998 بما يساوي 8,000 بالمئة في السنة الواحدة , بينما بقيت نسبة التضخم السنوية في البلد 2% فقط منذ عام 2003, وهي نسبة مقاربة لنسبة التضخم في الولايات المتحدة الامريكية . بمعنى من يطالب باستخدام الدولار بدلا من الدينار سوف يجد نفسه مرغما بدفع أسعار بضاعة مرتفعة ولكن بدون كرامة او سيادة. لقد وصلت فيضانات الامطار في مدينة جدة , ثاني اكبر مدينة في اغنى دولة نفطية في العالم سقف السيارات ولكن لم نقراء مقالة واحدة تدين الحكومة السعودية بهذه الكارثة الطبيعية ولكن قرانا مئات المقالات مملوءة بالسب والشتم على حكومة المسكين حيدر العبادي بسبب الفيضان . نعم هناك كتاب من ينظر بعين واحدة وعلى قول المثل العراقي المعروف "حب و حجي واكره وحجي". انه العداء للعملية السياسية.

هل ستؤثر فئة 50,000 دينار الجديدة على الأسعار في العراق ؟ الجواب هو لا ولسبب بسيط وهو ان البنك المركزي اصبح بعيدا عن الهيمنة الحكومية . بكلام اخر , لا يستطيع السيد حيدر العبادي رئيس مجلس الوزراء امر السيد علي العلاق رئيس البنك المركزي العراقي باطلاق مكائن طبع النقود . لقد أصبح تمويل الميزانية العراقية من المهام الرئيسية لرئيس مجلس الوزراء واذا لم تكفي الموارد النفطية , فعلى السيد العبادي البحث عن طرق أخرى غير البنك المركزي.

ان طرح العملة من فئة 50,000 دينار سوف لن تؤثر على نسبة التضخم في البلاد حتى وان لم يسحب البنك المركزي عملة تعادلها من الفئات النقدية الأصغر , لان ما لدى البنك المركزي العراقي من عملات اجنبية يساوي ضعف حجم عرض العملة في السوق . كما وليس من المتوقع ارتفاع نسبة التضخم في المستقبل القريب (3 الى 5 سنوات) طالما وان أسعار النفط في الأسواق العالمية سوف لن ترتفع كثيرا وكذلك الميزانية العراقية . لقد توقع البنك الدولي نسبة النمو في الناتج المحلي ما يعادل نصف الواحد بالمئة هذا العام وهي نسبة نمو اقل من النمو السكاني البالغ 2.5 % . وعليه في ظل التراجع الاقتصادي سوف لن تترتفع الأسعار .

حالة واحدة يصبح ارتفاع نسبة التضخم متوقعا حتى مع تراجع الإنتاج المحلي وهي عندما يسيطر داعش على منابع النفط ولم يستطع العراق تصديره في الأسواق العالمية . وهنا سيكون حال العراق كعراق المقاطعة العالمية عام 1990. فهل سنكون من المبالغين اذا قلنا الفضل كل الفضل لمجاهدي الحشد الشعبي الذي أوقف داعش من الزحف الى بغداد والا اصبح الافندي الذي لا يلبس الا الحذاء الإيطالي حافيا , والطبيب والمهندس يصبح سائق سيارة تكسي , والأستاذ الجامعي لا يستطيع توفير سعر بدلة تليق به , والمواطن لا يستطيع شراء حليب لطفله. سوف لن يكون كثيرا على العراقيين بإعلان يوم تأسيس الحشد الوطني عيدا قوميا لان الحشد الشعبي ليس من انقذ الأرض والعباد من شرور داعش وانما حفظ كرامة العراقيين من الفاقة والحرمان وافشل مخططات من أراد التشفي بنا ونحن جياع من أعداء العملية السياسية .