"شكَال البهلول" جملة سمعتها من أبي يرحمه الله عشرات المرات ، بعد كل تحذير يطلقه من شخص أو حالة ما ، عندما يقع ما سبق وان حذرنا منه يقرعنا ثم يقول: "شكَال البهلول" . لعله كان يقصد البهلول الكوفي ، الرجل الحكيم الذي ادعى الجنون لاحقا للخلاص من ظلم هارون الرشيد .
حادثة اقتحام سجن الأحداث في الطوبجي ليست الأولى ولن تكون الأخيرة في مسلسل حوادث اقتحام السجون ، لان "من امن العقوبة أساء الأدب " .
هل اعدم أي حرس او مسؤول تسبب بهروب السجناء نتيجة لتواطئه ؟.
على الرغم من نجاح القوات الأمنية في احتواء عملية اقتحام سجن الأحداث فان هناك فشلا واضحا في التعامل مع المعلومات الاستخبارية .
بتاريخ ٢٨ - ٧- ٢٠١٣ أبلغت جهة استخبارية الأجهزة الأمنية المختصة ماسكة الأرض وإدارة السجن بنية الإرهابيين اقتحام السجن . تكررت التحذيرات لأكثر من مرة حتى قبل وقوع الجريمة ، إلا أن المسؤولين لم يوفروا ما يكفي من جهد وقوات لإفشال الهجوم في مهده ، قبل ان يتطور ويفر السجناء بتواطؤ مكشوف ويلقى القبض عليهم لاحقا !.
يقبع في سجن الأحداث الكثير من الإرهابيين الخطرين جدا ، بعضهم مدان بعمليات ذبح وقتل بكواتم وسطو مسلح لمصلحة الإرهاب وتفخيخ وزرع عبوات ، حينما كانوا بأعمار دون ١٨ عاما ، بعد مرور سنوات على وجودهم بهذا السجن تجاوزت أعمار بعضهم ال٢٥ عاما!.
لقد قاموا من قبل بعمليات تمرد وعصيان ومحاولات فاشلة للفرار ، في إحدى المحاولات نجا مدير قسم الموقوفين من محاولة قتل بعد ان سحبه السجناء إلى داخل القاعة وأوسعوه ضربا وانقضوا علية بقضبان حادة ، إلى أن أنقذه فريقا آخر من السجناء قبل ان يصل الحرس وينقذ المدير ويفض الاشتباك .
لماذا يقبع في سجن الأحداث من تجاوزت أعمارهم ال ١٨ عاما ؟.
لماذا لم تضع إدارة السجن كامرات مراقبة داخل قاعات السجناء وخارجها ؟.
كامرات المراقبة موجودة حتى في سجون أفغانستان والصومال !.
لماذا الإصرار على عدم نصب كآمرات مراقبة ومن وقف يقف بالضد من نصب تلك الكامرات ؟.
كامرات المراقبة تمنع الرشا المتفشية أو تحد منها وتمنع التواطؤ وتمنع أعمالا مخلة تفشت بين بعض السجناء .
سبق وان ابلغ الكثير من منتسبي السجن الجهات العليا في وزارة العمل والشؤون الاجتماعية عن أشخاص نافذين احدهم - بدرجة مدير - يعمل في السجن ، يتعاطفون مع الإرهابيين ويسهلون لهم الكثير من الأمور الممنوعة ويتواطئون معهم ، لكن كل تلك البلاغات لم تجد أذانا صاغية من مسؤولي الوزارة !.
بعدما وقعت الفأس في الرأس سمعنا عن المتواطئين !.
سوف يخرج علينا لاحقا من ينكر تلك التبليغات .
الوزارة وإدارة السجن مقصرة حتى في الجانب الإنساني للسجناء ، لان امرضا معدية مثل السل والجرب متفشيان ، لم يمنع الجهد الطبي من تفشي الأمراض المعدية بسبب اكتظاظ السجن .
تصرف الدول المتقدمة مبالغ كبيرة لتحسن ألأداء ألاستخباري وتشجع المواطنين على الإبلاغ عن أي حالة مريبة ، وتدرب الأجهزة الأمنية التنفيذية بكل الوسائل والأساليب من اجل الحفاظ على سرية المعلومة والتعامل معها بدقة .
متى ما وصلت أجهزتنا الاستخبارية والأمنية إلى مصاف أجهزة امن واستخبارات الدول الغربية ، حينها لن نحتاج لمن يذكرنا بما قاله البهلول ، وإذا لم يتم ذلك فإننا سنظل نقول "شكَال البهلول " ، بعد كل انتكاسة أمنية سبق للبهلول الحكومي ان نبه وحذر من حدوثها .
"إذا قطع رأس الحية أصبح الباقي حبلا "
مقالات اخرى للكاتب