عندما تريد أن تسمع العجب فما عليك سوى أن تطرح أموراً غريبة عندها سوف تجد الإثارة تصل لذروتها . في العراق نسمع كل يومٍ عن طرحٍ جديد من أفكار ومسميات لم نجد لديها جديداً أو مفيداً منذ أن استلمت الوطن جعلت سفينتهُ راسيةٌ على شاطئ الخراب والظلم والفساد والجهل والحرمان والقتل والخطف .
الجديد اليوم في عراق العجائب ما خرج من خلف جدران المنطقة الخضراء شديدة الحماية حول ضرورة التغيير الوزاري وتشكيل حكومة من التكنوقراط. وبعدها سمعنا وشاهدنا تصريحات عديدة من جهاتٍ سياسية متنوعة حتى تحول الجميع لملائكة تريد الخير للعراق والعراقيين.
ولا أعلم من نهب أموال البلاد والعباد ؟ ومن قتل شعبهِ بالكواتم والمفخخات ؟ ومن هجر على الهوية ونحر الرقاب ؟
فأن كان جوابهم الإرهاب ونحن هنا لا ندافع عن الإرهاب ولكن لماذا يتناسون الإرهاب السياسي الذي صنعته الطائفية والمذهبية والمحاصصة اللعينة .
تلك الحالة التي صفق لها نفس الشخوص التي تريد منا اليوم أن نصدق بأنها تبحث عن (حكومة تكنوقراط) وكيف لهم اليوم المجيء بشخوص من خارج تلك الدائرة المسماة (التوافق السياسي). ثم أين سيكون مصير التقسيم المذهبي للمناصب وموضوع والأكبر والأصغر من الكتل .
أليس غريباً أن ينادي الفاشل بالتغيير ويطالب السارق بالتجديد. وبعدها يخرجون علينا بأسماء في عملية إعادة تدوير ليس أكثر . وان اختلفت بعض المسميات فهذا لا يعني استقلالها سياسياً فكل من يريد وزارة عليه أن يقترب من المتحكم بالقسمة ويدخل سحبة اليانصيب حتى يقولون له (مبروك عليك الوزارة الجديدة).
ثم أن مصطلح حكومة التكنوقراط يعني (حكم العلماء والتقنيين والفنيين والخبرات والكفاءات) لديهم القدرة على إدارة شؤون البلاد والتخطيط الستراتيجي في كيفية صرف الموارد وتوفير احتياجات الشعب وتطوير الاقتصاد والصناعة والاهتمام بالجانب العسكري والأمني وتقويتهُ من أجل حفظ الاستقرار داخلياً والتهيؤ لأي خطر خارجي . في العراق لم يبق في دفة القرار سوى حملة الشهادات المزورة والعقول الفارغة من كل شيء .
وعندما تتحدث عن ذلك الأمر يخرجون عليك بتأريخهم النضالي المزور هو الأخر . علماً بأن معارضتهم لم تكن سياسية بقدر ما هي مالية حيث استلموا الملايين بحجة تلك المعارضة . كما أن الخبرات التي كان من الأجدر الاستفادة منها تم اغتيالها أو هاجرت خوفاً على حياتها .
إذاً لا جديد فيك يا وطن مادامت الطائفية والمذهبية والمحاصصة لها وجود . ولا نتأمل خيراً من أناس تبحث عن المال قبل الإنسان . ومستعدةٌ لحرق كل شيء حتى تبقى هي فقط .
في عام 1919 أستحدث مصطلح تكنوقراطية على يد وليام هنري سميث الذي طالب بتولي الاختصاصيين العلميين مهام الحكم في المجتمع الفاضل .
ونحن اليوم نعيش في مجتمعٍ عنوانهُ أن كان لديك بندقية ورصاصة وجهة سياسية أو عصابة تستطيع العيش .
أما باقي الناس فهم وقود لمكائن الموت التي يقودها الطائفيون وتوابعهم .
مقالات اخرى للكاتب