الجيل السابق من العراقيين تعرف على" قبقاب نوري "من القراءة الخلدونية ، المنهج المقرر للصف الأول الابتدائي منذ مطلع الخمسينات من القرن الماضي ، اي في زمن العهد الملكي وتولي نوري السعيد اكثر من مرة منصب رئيس الوزراء ، والقبقاب حينذاك لم يخضع الى تأويل من جهة سياسية او رسمية ، فالأمر لا يتعدى تعلم إجادة لفظ حرف القاف بالطريقة الهجائية ، وليس الهجاء الغرض المعروف في الشعر العربي كما يتصور من يدعي انه يقرأ "الممحي " وكشف المخفي بين السطور .
تأويل "القبقاب" وبعد إلغاء القراءة الخلدونية منذ عدة سنوات ، عاد الى الواجهة هذه الأيام عندما تم ابلاغ أصحاب ورش ومحال تجارية بجانب الكرخ من العاصمة بغداد وإلزامهم من قبل ، جهة لم تعرف هويتها ، بتغيير أسماء محالهم بشكل ينسجم مع الواقع الجديد ، وتكون بعيدة جدا عن الإشارة الى الأسماء والرموز ، ومثل هذا الإجراء اعتمد سابقا ،ففرضت الدوائر الرقابية عقوبات صارمة وغرامات مالية ، وفي بعض الأحيان لوحت باعتقال المخالفين.
يوم كانت "الحديدة حارة " على حد التعبير العراقي السائد والتداول ، وعين السلطة حمراء تسهر على تطبيق القانون بكل الوسائل والأساليب "الحضارية" خضع أصحاب الشأن للضوابط والتعليمات والإجراءات ، وقاموا بتغيير أسماء الورش والدكاكين والمحال ومعارض السيارات بشكل ينسجم مع متطلبات المرحلة والتحديات التي تواجهها الأمة ، للتخلص من احتمال تعرضهم لمواقف لا تحمد عقباها ، لان نظرات العيون الحمر لاتقبل التفاهم وتبادل وجهات النظر بحوار هادئ وتعمل دائما بمبدأ " نفذ ثم ناقش " فمنعت بث أغان عراقية وعربية عبر الإذاعة وشاشة التلفزيون الرسمي لأنها تتضمن اسم امراة ، تحمله أم مسؤول كبير جداً .
تأويل" قبقاب نوري" يتطلب أولاً إعلان الجهة المسؤولة عن تبني مثل هذا التوجه ، وهل تلقت أوامر من أصحاب العيون الحمر ، ام هو إجراء مزاجي جاء على خلفية دوافع حزبية ، فضلا عن بيان نوع العقوبة المفروضة على المخالفين ، فاذا كان "القبقاب" يتطلب مثل هذه الحملة فيجب ان تشمل الأغاني ايضا، من قبيل " علاوي ياعلّاوي جوزي قميصه وبيه مطرز وردة " واغنية " شالو مابعد نلكاهم " لانها تحتمل التأويل هي الأخرى في الإشارة الى أعداد المهجرين قسرا من أحيائهم ، وأغنية "جيب الورق جيب القلم خل نكتب هموم وندم " وتأويلها التعبير عن الندم بتخلي القوى السياسية عن تنفيذ اتفاقات موقعة وموثقة بوثائق تنص على اعتماد مبدأ الشراكة في إدارة الدولة أثناء خوض مفاوضات تشكيل الحكومة الحالية المنتخبة ، وبحسب وصف بعض الأطراف المشاركة فيها بانها أصبحت "منتحبة " من كثرة نحيب المواطنين وشكواهم من تعطيل تنفيذ برامجها .
ليس من المستبعد إطلاقا اعتماد المزاجية في تأويل الأسماء والعناوين استعدادا لخوض الانتخابات التشريعية المقبلة بتوفير أوسع قاعدة شعبية وضمان الإدلاء بأصواتها لصالح
قائمة تضم شخصيات ورموزاً وطنية ترفض عودة استخدام القباقيب.
مقالات اخرى للكاتب