" مُصيبة فَردٍ واحد .. قد تعكس أحياناً ، مأساة أُمّة " .
فجر يوم الخميس 18/7/2013 .. في إحدى قُرى شهرزور ، لَدغَ عقربٌ سام ، فتاةً في الرابعة عشرة من عمرها .. فَقام أهلها ، بنقلها على الفور ، الى المستشفى المَحلي في مركز القضاء .. فرقدتْ حوالي ساعة وقيلَ انها زُرِقتْ بحقنة مُضادة لسُم العقرب .. لكن حالتها ساءتْ .. فنقلوها الى مستشفى السليمانية .. حيث أعْطِيتْ بعض أدوية الحساسية ، والمُغّذي .. لكن وضعها تفاقَمَ .. وفي الساعة الثالثة عصراً ، أخبرَ الاطباء ، أهلها المُرافقين لها .. بانها بِحاجة مّاسة الى أبرة مُضادة لِسم العقرب ( أنتي سكوربيون ) . لكن هذا العلاج غير متوفر في المستشفى .. وعندما هّمَ أحد أقرباء المُصابة .. للذهاب الى المستشفيات الأهلية والصيدليات الخاصة ، أخبره الأطباء ، بأن هذه الحقنة ، غير متوفرة في السليمانية .. وعليهِ الذهاب الى مستشفى أربيل للحصول عليها .. فذهب على الفور .. وقبلَ وصوله الى أربيل ، التي تبعد عن السليمانية حوالي الثلاث ساعات .. أتصلَتْ بهِ عائلة المُصابة .. وأخبروهُ بأنها توفِيَتْ ! " .
- كنتُ أعمل في صيدلية ومذخر أدوية ، مُستشفى العمادية ، سنة 1976 " علماً ان المستشفى كانَ ولا يزال صغيراً ومحدود الإمكانيات " .. كان لدينا مُضادات لِسُم الثعابين وكذلك سُم العقارب ، محفوظة وجاهزة للإستخدام ، وبالفعل كان الملدوغون في مُحيط العمادية ، يستفادون من هذه المضادات .. ولا أتذكر أن أحدهم قد ماتَ من جراء ذلك .
.....................................
هنالك مئات الأسباب ، لموت البشر .. ولكن ان تفقد فتاة يافعة في مُقتبل العمر ، حياتها .. لأن عقاراً مُضاداً لسم العقارب " صالحاً للإستعمال " ، لايُكّلِف سوى بضع دولارات .. غير مُتوّفِر في المستشفيات الحكومية في قضاء شهرزور ولا في مركز محافظة السليمانية " وإذا كان إدعاء مدير المستشفى ورئيس صحة السليمانية ، صحيحاً ، بأن المُصابة حصلتْ على كامل الرعاية والعلاجات المطلوبة .. فلماذا بّلغوا أهلها في الساعة الثالثة عصراً ، بأن العقار المضاد لسم العقارب ، غير متوفر ، وعليهم الذهاب الى أربيل للحصول عليه ؟! " .. فذلكُ إهمالٌ يقترب من الجريمة .. وذلك إستهتارٌ بأرواح الناس ، يُمّثِل أبشع أنواع الفساد .
حكومتنا وإدارتَنا ، التي تفتخرُ بين يومٍ وآخَر ، ب " الإنجازات " التي قامتْ بها .. وإفتتاح " المولات الضخمة " .. ومدائن الألعاب الكبيرة وإعلاناتها بأنها الأكبر في العراق .. بل وكَم المستشفيات الخاصة " التخصصية " ذات البنايات الفخمة والديكورات المبهرجة .. فلماذا يتوجه مواطنوا الأقليم لحد الآن ، الى دول الجوار ، لمراجعة الاطباء وإجراء الفحوص والعمليات والحصول على أدوية جيدة ؟ لماذا لايكون إستيراد الأدوية شفافاً وعلنياً ، ومن مناشئ رصينة ؟ .. بل ، أليسَ من المُعيب ، ان لايكون عندنا في أقليمٍ ذو موارد مالية ضخمة ، نظامٌ لتأمين صحي حقيقي ؟
يبدو ان الفساد ، وسوء الإدارة ، وصل الى مدياتٍ ، باتَتْ حياة المواطن ، بدون قيمة فعلية .. إذ ان مافيات الثعابين والعقارب .. بسياساتها الرعناء .. هي التي أدتْ الى عدم توفُر مَضادات سُم العقارب في مستشفيات شهرزور والسليمانية .. ورُبما غيرها أيضاً ! .
مقالات اخرى للكاتب