اذكر من جملة ما اذكره في خطبة النساء وإختيار  الزوجات لدى العراقيين،انهم كانوا يفضلون المرأة الممتلئة المربربة على الرشيقة المعصعصة، وكانت الخاطبات يسهبن في التغني بزنود العروسات المفتولة وطول رقبة احداهن، ويأنفن من وصف خصرها وقدها الممشوق، مثلما يتفاخرن بكروش وعرض افئدة العرسان .. وجرت الامثال على الالسن بالقول :  خوش بنية تسوه “وزنها” ذهب، او خوش ولد ( أفادة هاعرضه).

 وانتعشت تجارة الادوية والعقاقير المسمنة حتى صار “دكسون” من اهم مربي الخدود النسائية والكروش الرجالية واصبح آنذاك اكثر شهرة من اغنية “ابو خد مشمشة” للمطرب الشعبي صباح الخياط .

 غير ان مفاهيم الناس تتغير تبعا لتبدل متطلبات الحياة، وسيادة الظواهر المستحدثة، فصارت الفتيات من وزن الريشة هن المطلوبات، واتجه الناس وفي مقدمتهم بعض الاخوة المسؤولين الحكوميين اليوم الى زيارة مراكز الرشاقة والمداومة على حضور برامج بناء الاجسام، واذابة الشحوم اكثر من حضورهم الاجتماعات الرسمية العبثية الرامية لمواجهة الازمة المالية الحالية، وتمشية امور الخلق.

ومن خلال ملاحظاتي الدقيقة والقريبة لمراحل تطور كروش المسؤولين، وجدت ان اغلبهم يتسلم موقع المسؤولية وهو بكرش صغير يافع، ويعقد العزم في قرارة نفسه الأمارة بالخير على خدمة المواطنين، وانتشال وزارته ومؤسسته من دركات الانحطاط وبراثن الفساد، غير انه سرعان ما يصطدم خلف الكواليس بمافيات الفساد، وبطون الاحزاب، وصناع القرارات المستبدة، التي لاتعرف الشبع ولا الرحمة ولا الخوف من الله، فيعمد اخينا بالله الى تغيير مفاهيمه الوطنية وتجبره نفسه الامارة بالسوء هذه المرة للتركيز على كرشه الغالي المحظوظ، دون كروش الجماهير المنحوسة .

وبعد مرور سنة او اثنين يكون كرشه قد ترسخ وصار رمزا سياسيا سياديا، يتغنى به الحواشي والمتملقون والمقاولون المنتفعون، بالرغم من التشوهات الخلقية التي أوجبت وضع خطط ومعالجات عاجلة لاحداث إصلاحات سريعة للكتل الشحمية المتراكمة، تتماشى مع السياسات النفعية وروح العصر، وهنا قد تبرز الحاجة الى الاستعانة بالخبرات الدولية، والمراكز الطبية العالمية البارعة بشفط الشحوم وقرص المعدة وطي جنباتها، ليعود مسؤولنا الكريم بكرش مقبول وثروة مهولة تفتن البنوتات الحلوات وتجتذب الزوجات الصغيرات الرشيقات الغنجات، وتوقع بهن في فخاخ الزيجات السريعة (Take away ).

واذكر اني سمعت حوارا مضحكا – رغما عني – دار بين مسؤولين اثنين الاول سابق والاخر حالي.

السابق يقول للحالي: ان كرشك تضخم بشكل ملفت وهذا قد يؤثر على مستقبلك السياسي وقوتك الفكرية، وربما الجنسية ايضا.

الحالي: لقد برز كرشي رغما عني بسبب كثرة الولائم وطول ساعات الالتهام ، مع قلة الحركة والنشاط اليومي.

السابق:  ولكن عليك ان تحسب حساب الايام التي ستكون فيها خارج السلطة.

الحالي : بماذا تنصحني؟

السابق: انصحك ان تستغل الفرصة والنفوذ وتستعمل صلاحياتك الحالية في اذابة كرشك بمراكز عالمية خاصة، بشرط ان تكون خارج البلاد، وبعيدا عن عيون المتطفلين، وتستعد لمرحلة التقاعد وتكون انت وكرشك وما حصدته من ثروة في لحظة واحدة ، ريشة في مهب الريح.!!

 لم يرد المسؤول الحالي على صاحبه السابق بل اعتدل على كرسيه، وحاول مرارا وضع رجله اليمنى فوق اليسرى ولم يفلح ، ثم ابتسم ملء شدقيه، وطبطب على كرشه وتمتم بالقول: حانت ساعة الاصلاح.