من الحوادث الشائعة لدى الاسر العراقية، كانت شرب النفط من قبل الاطفال الصغار.
وتعامل الناس مع شاربي النفط بمختلف الطرق الخاطئة، اهونها اجبار الطفل على التقيؤ او حمله على تناول اللبن او الحليب معرضين حياته الى المزيد من المخاطر، والحق اني لست بصدد حشر انفي والبحث في مسالة صحية يفضل معها نقل الطفل الى اقرب مشفى وترك الامر للمختصين واعطاء الخبز لخبازه .
وبمناسبة ورود ذكر الخبز ، فان المواطن العراقي البسيط الذي دأب منذ زمان بعيد على بذل الدم ونحر فلذات الاكباد دفاعا عن كراسي المحظوظين والنائمين حتى الظهيرة، بات هذا المواطن اليوم خائفا على خبزته ومستقبل اطفاله من اصرار بعض دول منظمة اوبك على اغراق السوق العالمية بالنفط واستمرار هبوط اسعاره، التي يبدو انها لن تقف عند حاجز معين وهي آخذة بالانحدار الى ما شاء الله ، حتـى يخيل للمرء ان الدول الصناعية الكبرى والمستهلكة للنفط ستستغني عنه وتستبدله ( بالمطال والبعرور) لتشغيل مدنها الصناعية وآلتها الحربية ومشاريعها الاقتصادية.
ورب قائل يقول يتوجب علينا اذن تنويع مصادر عائداتنا المالية وسد العجز المستقبلي في الميزانيات العامة والتحول من انتاج النفط الخام الى انتاج “المطال” ومشتقاته.. وعلى الرغم من ان المقترح يمكن تطبيقه نظريا، الا اننا في العراق صرنا نعجز عن تنفيذه على ارض الواقع وذلك لافتقارنا للمواد الاولية الداخلة في تصنيع وتطوير المطال باشكاله المعروفة نتيجة للتراجع الكبير في عدد الابقار والبعران والاغنام التي تمثل المصدر الوحيد لمفاعلات الطرد المركزي وتوفير تلك المادة الحيوية.
وما دمنا اليوم عاجزين عن تصنيع وتصدير ابسط الأشياء بما فيها الاقراص النارية، لا بد لنا من التفكير في جوانب اخرى اكثر نفع وجدية في مقدمتها تشجيع مشاريع الاستثمار، وذبح القطاع العام تحت اقدام المستثمرين من خلال اصدار عفو شامل عن السراق والحرامية الذين سربوا دولاراتنا الى بنوك لندن واوربا وبيروت وعمان ودبي… في مقابل تشجيعهم وتقبيل ايديهم على استثمار اموالنا – عفوا اقصد اموالهم – في مشاريع الصناعة والسياحة والنقل والزراعة ولا ننس الثروة الحيوانية طبعا.
وبصراحة اكثر.. فنحن قد مللنا الشعارات والنصائح والنظريات والتظاهرات وحق لنا ان نسأل قادتنا واغنياءنا وسياسيينا الاثرياء من منكم حرك ساكنا وفتح ابواب خزائنه وشرع بتنفيذ مشروع حيوي كبير وملفت يخدم عامة الناس؟ كمستشفى متخصص او منتجع سياحي متميز او مركز اقتصادي او تجاري او زراعي يعود بالنفع عليكم اولا، ويسهم في تخفيف نكباتنا وضياع ثرواتنا التي تبخرت بين ليلة وضحاها، بعد ان صار برميل نفطنا ارخص بكثير من برميل مياهنا، ما قد يدفعنا الى التفكير بجدية للعودة الى شرب النفط بدلا من الماء..
ومن يدري فربما يطل علينا باحث فيسبوكي مهووس، يسرد لنا فوائد شرب كأس من النفط الخام قبل النوم ؟ شارحا اسهامه في القضاء على سلسلة امراض السكري والضغط والبواسير وتنظيم ضربات القلب، واشعال نيران الحب الملتهب عند الازواج الخائبين بدلا من اللجوء الى الجرجير والفياغرا.
مقالات اخرى للكاتب