أكثر من عام وعصابات داعش تحتل أجزاء واسعة من الأراضي السورية مع ثلث مساحة العراق الذي تربطه مع الولايات المتحدة الأمريكية معاهدة أمنية، تفرض عليها التزامات قانونية بالدفاع عن البلد، والحفاظ عليه كدولة موحدة ونظام سياسي، فضلاً عن التزامها الأخلاقي كونها السبب فيما وصل إليه العراق من ضعف في قدراته العسكرية، وتدهور منظومته الأمنية، نتيجة احتلالها له، عبر هذه المدة الزمنية أظهرت لنا هذه العصابات، الهمجية بأبشع صورها، قتل بجميع أنواعه، وسبي، وتهجير، وتدمير بنى تحتية، وتراث حضاري وديني، بالصوت والصورة كل هذا تحمله المواطن العراقي، تحت مظلة تحالف من ستين دولة، تقوده الولايات المتحدة الأمريكية.
ثمة من ينظر إلى عدم جدية هذا التحالف في حسم الصراع مع هذه العصابات بسبب بيروقراطية هذه القوات، إذ تعمل وفق ستراتيجية (مبضع الجراح) أو ما يسمى بالحرب النظيفة، وهذه غير مجدية مع عدو قذر، ولا تتناسب مع معاناة نازحين يسكنون في العراء أو الخيم الممزقة، أو الكرفانات، حقيقة لا توجد متغيرات ملموسة نجد عليها بصمات التحالف الدولي، وما ظاهر منها هو بجهود عراقية خالصة للقوات العراقية، وبقدرات جوية متواضعة مستعينة بفصائل الحشد الشعبي، والعشائر العراقية، فضلاً عن الشرطة الاتحادية، والدلائل على ضعف التحالف الدولي كثيرة، منها تحرك العصابات بكل أريحية داخل العراق وبين سوريا والعراق في المحور الشمالي (موصل- رقة ) والمحور الغربي (رمادي- القائم- ديرالزور)، كما إن الخندق الذي عملت على حفره داعش بطول ثلاثمئة كيلو متر يفصل سهل نينوى عن المناطق التي احتلتها مدعوما بجدار عازل خلفه، كل هذا يجري منذ 21/10/2014 تحت أنظار المستشارين الأمريكان والكنديين والفرنسيين، وقوات البيشمركة التي يعملون معها.
أين الاستخبارات والأقمار الصناعية والجهد الجوي الأمريكي الذي حقق تفوقاً ساهم في تحرير الكويت بزمن قياسي هو أربعون يوماً، واسقط نظام صدام في عشرين يوماً، هل عجزت عن طرد هذه العصابات أم لديها نوايا أخرى؟
في ظل هذا التباطؤ وعدم الجدية في حسم المعركة مع داعش، عاد الدب الروسي ليتصدر المشهد العسكري، وهذه المرة على الساحة السورية الذي اثبت فاعليته في شل حركة داعش عبر قصف اوكاره ومستودعات دعمه اللوجستي، حتى ان هذه العصابات الغت صلاة الجمعة في معقلها في الرقة لاستشعارها بجدية العمل العسكري الروسي، ظهور هذا اللاعب الجديد نتج عنه تحالف رباعي اطرافه العراق – سوريا – روسيا – ايران اهدافه المعلنة تبادل المعلومات الاستخباراتية،ولايستبعد تطوره الى ابعد من ذلك، مما اثار حساسية بعض الاطراف السياسية العراقية، وعدوه تدخلاً في الشؤون الداخلية وانتهاك للسيادة المنتهكة اصلا من الامريكان، واصبح هذا الموضوع مادة دسمة وفرصة للسجال السياسي الذي اصبحت القوى السياسية بارعة في استثماره لمصالحها.
هل العراق بحاجة الى تحالف اضافي؟
اعتقد نعم مع عدم خسارة التحالف الدولي والتوفيق بدلوماسية بين التحالفين، وترك السجالات السياسية التي لا تخدم النازح في المخيمات والذي لايعنيه من يساعد على تحرير ارضه بقدر عودته اليها، على القوى السياسية العراقية استثمار التنافس الامريكي الروسي خدمة للعمليات العسكرية والذي ظهرت ملامحه بتحريك المياه الراكدة في الانبارعبر البدء بالعمليات العسكرية في الرمادي.
مقالات اخرى للكاتب