ترتكز قدسية كربلاء في اذهان المسلمين الشيعة على عظمة الرجل العظيم المدفون فيها جسدا والموجود روحا وفكرا مُتألقا يُلهم الاجيال حاضرا ومُستقبلا رفضا للظلم ونهوضا لمواجهة المنكر بكل انواعه سوى كان متجسدا برجال السلطة او رجال الدين ,,كربلاء شجرة لا شرقية ولا غربية يكاد زيتها يضيء ولو لم تمسسه نار نور على نور تلك هي كربلاء قطعة من الارض تشرّفت بأن ثوى فيها جسد الامام الحسين ع" وشعّ فيها فكره وعنفوانه الرافض للظلم بكل انواعه وكل شخوصه ,,تعرضت قضية كربلاء لأنواع كثيرة من التحريف وكان أهمها كما يقول الشهيد مرتضى المطهري المنبر الحسيني حيث ارتقاه عدد من الاشخاص يقرؤون الروايات كما هي ولا يعرضونها على العقل والقران والسنة النبوية وسيرة أهل البيت مما سبب تحريفا كبيرا لقضية كربلاء وما زاد الطين بله ان الكثير من الروايات لم تبقى حبيسة في الكتب ,,حيث انبرى لها رجال ليخرجوها الى الواقع وخير مثال على ذلك أسد يظهر في التشييع الرمزي حيث قدمت حسينية بيت الشيرازي شخص يجسد دور الاسد فوق الجثة ويبكي ويلطم !!لان هذا الفكر يؤمن بحركية الصورة وتأثيرها الكبير على الاخر ! حيث الزمن زمن يوتيوب وفيسبوك !! وإذا استمر بيت الشيرازي في دعم التطبير وتجسيد صور الاسد وربما لبوة مع الاسد في محرم القادم !! فأنهم سوف يساهمون في طمس قضية كربلاء التي لم يعد الناس فيها تستمع للغة المنبر الواقعية التي كان يقدمها الشيخ الوائلي والمقدسي وآخرون ولم تعد الناس تقرا كتب النقد والتصحيح لمفكرين ساهموا في حفظ ثوابت وأهداف وقيم كربلاء لان كربلاء حُفظت بالقلم وكل ما نملكه من روايات حول كربلاء هي من اقلام اناس تجرعوا الاذى وكتبوا لنا عن كربلاء ,,ليقرأ أي شخص الملحمة الحسينية للشهيد مطهري ليعرف معنى المعروف والمنكر ,,ان كربلاء اليوم بحاجة الى العقلانية في الطرح والى تفهم لغة العصر والحداثة والعولمة والأخذ بالاعتبار نظرة الاخر حول كربلاء وتقديمها كصورة ناصعة للأجيال القادمة والمعاصرة والدور الاكبر يقع على الحوزة العلمية التي يجب عليها ان تبادر في حفظ هوية كربلاء من التشويه الذي يطالها من انصار التطبير والأسود والمشي على الجمر!!وكذلك يقع الدور على كل مثقف يستطيع ان يمسك قلمه وينبري للدفاع عن كربلاء الحُسين بروح واقعية غير مُتشنجة وغير مُتعصبة وان يتبع الحكمة والموعظة الحسنة في ايصال الرؤية الحسينية الاصيلة في اقناع الاخر وفي تقديم كربلاء لأبناء المذهب اولاً كونها يجب ان تكون صورة مكتملة ومتكاملة وغير مشوشة ولا مشوهه حتى يتم بعدها تصديرها للآخرين ووضعها في متحف الفكر والعقل وتعليقها كواجهة في مدخل كل مدينة ولائحة في باب كل مسئول ولوحة في ذهن كل فنان ,,هكذا يجب ان نرتقي بكربلاء أو يجب ان نُرقّي انفسنا من خلال قراءة كربلاء قراءة جديدة نقدية واضحة وصريحة بعيدا عن لغة العنف الدموي وتجسيد الاسود ,,لا يمكننا ان نفعل ما نشاء بمعزل عن العالم لأننا جزء لا يتجزأ منه ولأننا نؤمن بأن محمد ص " نبي ورسول ورحمة للعالمين وليس حِكرًا على مذهبنا وكذلك نؤمن ان حفيده الحُسين ع" ليس حِكرا للمذهب لأنه خرج للإصلاح في امة جده,, وجده اُرسل رحمة للعالمين وليس للشيعة والسنة فقط .
مقالات اخرى للكاتب