يقترب موعد انتخابات البرلمان القادمة وبسرعة,وقانون الانتخابات فُصّلَ حسب رغبة القوى المسيطرة على البرلمان بعد اجتماعات موسعة لرؤساء الكتل البرلمانية وبعد"خذ وهات"توصلوا الى إلغاء قرار المحكمة الاتحادية بهذا الخصوص حيث اتفقوا وقتها على قانون سموه سانت ليغو ليصبح سانت ليغو المعدل ولو سموه سانت لغو لكان الأصح تعبيرا لاختزال أصوات الناخبين ومصادرتها وجعل "الكتل الصغيرة" في خبر كان ,حتى لو اخذوا مقعد أو مقعدين لن يكون لهم تأثير يُذكر من بين 328 نائب.
معلوم سبب الإصرار على عدم العمل بقانون أقرته المحكمة الاتحادية ألا وهو نتائج انتخابات المحافظات والذي بسببه أصبحت حصص دولة القانون أقل بكثير من المتوقع حيث فقدوا البصرة وبغداد المهمتين. ومن هنا لم نرى أي احتجاج على سن قانون يصادر مرة أخرى أصوات الناخبين لتستمر الزمر التي تدير الدولة من خراب الى فساد ثم التدمير بسبب المحاصصة التي تربعوا بواسطتها على السلطة. توقفت الاحتجاجات وكأن شيئا لم يكن,التظاهرات في نهايات الأسبوع اختفت حتى في المحافظات.هل قبلت كل الكتل المتضررة من القانون الجديد وكأن شيئا لم يكن؟هل تضمن هذه الكتل"الصغيرة"موقعا مؤثرا لها في الدورة الانتخابية وعلى أي أساس ومنطق؟ هل قدمت هذه الكتل المتضررة شكوى الى المحكمة الاتحادية لنقضه و الاعتماد على ما أقرته بعد انتخابات 2010؟إن الاحتجاج على بعض فقرات القانون الجديد والمعدل ليس له أهمية,حيث إن تحديد عمر المرشح 28 عام ليس كارثة وإن في رأي الأفضل أن يكون 30 عاما حيث يكون المرشح قد عمل في مكان معين وحسب اختصاصه لفترة قد تعطيه خبرة عملية وحياتية تنضجه للوصول الى البرلمان,ثم إن التحصيل العملي يلزم المرشح أن يكون قد حصل على الشهادة الثانوية كأقل تقدير فيه أيضا نوع من الحرفية للناخب,مع عدم إنكار إن الكثيرين من المناضلين الذين لم تسمح لهم ظروفهم إكمال دراستهم هم قد يكونون أهلا لتبوأ منصب نائب في البرلمان لكن هذا قد يفتح الأبواب على مصراعيه للجهلة والذين لم يذهبوا الى المدرسة ربما أكثر من عام
أو عامين بعد الابتدائية من الطائفيين للوصول الى قبة البرلمان.وبالتالي مناقشة مواد القانون الجديد ألمهمة والخطيرة لا بل الاحتجاج عليها هي أهم من المواد الجانبية التي لا تغني ولا تشبع.
موقع اليسار والتيار الديمقراطي
لا احد يعلم أين موقع التيار اليساري خصوصا والتيار الديمقراطي عموما من توقعات النتائج للانتخابات المقبلة.إن أكثر من 60% ممن فضلوا عدم الذهاب الى انتخابات مجالس المحافظات في أبريل الماضي هم الأغلبية التي ترفض وبجلاء بقاء الكتل الكبيرة التي تعتمد المحاصصة في ترتيب البيت السياسي العراقي اليوم,لكن هل للتيار الديمقراطي أو اليساري نفوذ في هذه النسبة العالية جدا من الرافضين لسياسة دولة المحاصصة؟ثم الم يحن الوقت لكشف نفوذ هذا التيار قبل الانتخابات؟وهل أصبح القرار نهائيا في الاشتراك في الانتخابات القادمة بالرغم من عدم دستورية القانون الجديد المجحف؟هل يكفي التنبيه من وقع الحرص على العملية السياسية القبول به ولاشتراك في انتخابات قد حسمت مقدما لمن لا يريد أن"يطيها"؟,كما قالها بملأ فمه كمال ألساعدي هذه خط أحمر,و التعويل على التحالف الكردستاني أصبح من الأخطاء الجسيمة والتي لا تغتفر مستقبلا حيث هذا التحالف أما أن يأخذ ما يريد أو لا يشترك بالانتخابات ,حسب تصريح البرزاني قبل إقرار القانون الأخير من قبل البرلمان ولا علاقة له بالتيار الديمقراطي. لان المصالح الحزبية والعشائرية هي فوق كل الاعتبارات.
أن ما يكسر"ظهر" التيار الديمقراطي واليساري هو الإعلام المسيطر من قبل الحكومة والأحزاب الدينية والقومية,حيث تجهد نفسها هذه الكتل والأحزاب الى إبعاد كل نفس ديمقراطي عن الساحة بواسطة التضليل والافتراءات ومحاولة دغدغة عواطف البسطاء من الناخبين لكسب أصواتهم وسد الطرق من أمام التيار الديمقراطي.ولضعف إمكانيات هذا التيار المادية والتمويل يجعل الوصول الى الناس الذين اختاروا عدم المشاركة في انتخابات ابريل الماضي صعبا لان أما عدم وجود مؤثرات وسائل إعلام مرئية ,أو استمرار الهذيان الديني التعصبي لشد العواطف وتخويفها من الآخر,أو الابتعاد كليا عن ما يسمى بالانتخابات لان خيبة الأمل أصبحت كبيرة في إصلاح النظام.لكن ما العمل مع ال60% التقريبية من الناخبين الرافضين لاستمرار الفساد والجريمة المنظمة والإرهاب والبطالة؟
في تقديري العملية ليست هينة الى الحد الذي يتمناه الإنسان,لكن ليس هناك بديل من النزول الى الشارع والالتصاق بالجماهير وعمل اجتماعات مستمرة وتحدي السلطة عبر التظاهرات السلمية المتكررة والاتصال بوسائل الإعلام المرئي والمقروء لإظهار موقع وقوة التيار الديمقراطي في الشارع.لا يمكن القول عدم وجود فضائية للتيار هو السبب الرئيسي في بعده عن التأثير في البرلمان,وإن هي جزأ من حقيقة لا جدال فيها, لكن لا يمكن الانتظار ليتكرم هذا أو ذاك بالسماح لبث فضائية للتيار من الإقليم مثلا! مازال هناك إعلام مرئي يتقبل فكرة وصول التيار العلماني وبقوة الى البرلمان ويمكن الاستفادة منه.ناهيك عن التظاهرات السلمية والتي يجب أن تتكرر أسبوعيا بالرغم من التضييق من قبل الحكومة وحزبها حيث يسيطر على القوات العسكرية والأمنية.العراق ليس مصر والجيش العراقي الحالي والسابق ليس جيشا وطنيا ذو عقيدة عسكرية وانما جيشا بيد رئيس الحكومة أو الدولة والمسيطر عليه تماما بسبب الانتماءات الطائفية والعشائرية. ولذلك يبقى أملا واحدا ووحيدا للوصول الى البرلمان القادم وبتأثير اكبر هو الندوات الجماهيرية المستمرة في الداخل والخارج.وبمناسبة الخارج فقد سقطت"سهوا" الإشارة الى انتخابات الخارج ,كما صرّحَ المهندسون لقانون الانتخابات,وهم لم يصدقوا في كلامهم لان ليس من المعقول نقاش أشهر توالت قبل إقرار القانون في البرلمان حيث الاجتماعات المتكررة "ونسوا"ذكر انتخابات الخارج, لانهم يعلمون ومن مصادرهم العديدة والتي لم تقل عما كان النظام السابق له من المصادر,يعلمون إن هناك تململا كبيرا بين الجاليات العراقية المساندة لهم سابقا وقد أصابتها الخيبة من دولة المحاصصة والقتل اليومي على أيدي الارهاب الداخلي والخارجي والفساد والبطالة وتردي الخدمات.
أما قانون الأحزاب فلم يعد مهما إقراره من عدمه لان الأحزاب الطائفية كانت قد تسلمت من الأموال ما يكفيها لتمويل حملاتها الانتخابية والتي بدأت منذ عدة أيام أو أسابيع بدأ من افتتاح المدينة الرياضية في البصرة ,على سبيل المثال وليس الحصر, وسوف تستمر.وربما سوف يقرون قانون الأحزاب قُبيل الانتخابات في الوقت الضائع لفسح المجال للرشاوى في الوصول الى العراق الى آخر يوم قبل إقرار القانون.
والسؤال الموجه لقادة التيار الديمقراطي هو:ما هي خططكم في الوصول وبقوة الى البرلمان؟
مقالات اخرى للكاتب