أصبح العراق يقاتل برجاله وماله نيابة عن العالم. لا ناصر له ولا معين، وكأن الجيران و جيران الجيران لم يقرؤوا خريطة داعش التي شملت من أفغانستان شرقا الى جنوب اسبانيا غربا , ومن تركيا شمالا الى جميع دول الخليج مرورا بدول شمال افريقيا . كل هذه الدول ستكون مسرحا لجرائم داعش لولم توقفهم عن زحفهم شجاعة وتضحيات القوات المسلحة العراقية , الحشد الشعبي والبيشمركة الابطال. لقد اثبت هؤلاء الشجاعان حبهم للعراق وغيرتهم على حرائر العراق من يد داعش المجرم , فاستحقوا الشكر والثناء وستكتب أسمائهم في سجل الخالدين وسيلعن التاريخ اعدائهم ومن رضى او سكت عن جرائم داعش .
نعم، لقد رضى شرذمة من المحسوبين على العراق العظيم الجلوس في بيوتهم او العيش في فنادق أربيل والأردن على محاربة داعش معتذرين بحجج خاوية اوهن من بيت العنكبوت ولكن لم يعتذروا الا خوفا من الشهادة التي كرم بها الله الصالحين . وهكذا فقد خسروا خير الدنيا والاخرة , وستلاحقهم لعنة التاريخ الى ابد الابدين .
حرب داعش ليست سهلة ولكن إصرار المجاهدين العراقيين على تحرير مدنهم المغتصبة هو الذي قادهم الى النصر المؤزر في امرلي وجرف الصخر و بيجي و مناطق من الموصل والانبار وكركوك. لقد جرح واستشهد المئات من القوات العراقية الرسمية وابطال الحشد الشعبي. وحرب داعش مكلفة جدا على ميزانية الدولة العراقية. ان هذه الحرب سوف تأخر تطور العراق الاقتصادي، لان المليارات من الدولارات التي تصرف على شراء الطائرات المروحية والمقاتلة , او الدبابات والدروع , او التجهيزات التي يحتاجها المقاتل انما تأخذ من تخصيصات مالية لمشاريع تنموية مثل الطرق والجسور مدارس ومستشفيات و توصيل الماء الصالح للشرب و شبكات الصرف الصحي .
العراقيون شجعان واهلا للمنازلة خاصة مع عدو لئيم. ولا يريدون الرجال من غير العراق. كاكا حمد وعبد الرحمن وعبد الزهرة رجال اكفاء على أعداء العراق وسيقاتلون داعش سواء فتحت دول المنطقة ذراعها لهم ام لا. مع الأسف , لم تفتح دول الجوار ذراعها لدعم المقاتلين العراقيين , وهاذا ما يحزن القلب ويقبض النفس . لقد كانت دول المنطقة لا تريد مساعدة العراق متضرعة بوجود السيد المالكي على رائس السلطة , رحل المالكي ولكن لم يصل دعمهم لحد الان . لقد كانت دول المنطقة لا تريد التحدث مع السيد المالكي , والان جاءت حكومة جديدة وأيديولوجية جديدة ولكن لم نسمع منهم لحد الان الا الكلمات الجميلة التي يختارونها بكل دقة وعناية . انهم مازالوا مترددين من دعم العراق على الرغم من نشر داعش خارطته التي تشمل اوطانهم وعلى جميع وسائل الاعلام! هل رضوا بداعش فسكتوا؟ ام خافوا من النصر العراقي القادم فتراجعوا؟
جرحى الجنود والبيشمركه وافراد الحشد الشعبي لم يبقى لهم الا الله يرعاهم. لم نسمع دولة من دول المنطقة ان أعلنت عن استعدادها لاستقبال جرحانا سواء من الذين يتساقطون كل يوم بفعل السيارات المفخخة والاحزمة الناسفة او من يجرح على جبهات القتال مع داعش. مصاريف حرب داعش أصبحت تكلف الميزانية العراقية وأصبحت تعطل انجاز المشاريع الحيوية للعراقيين، ولكن لم نسمع عن دولة ان أعلنت استعدادها بمنح العراق مساعدة مالية دعما للمجهود الحربي. لقد كانت معاهدة صدام حسين مع دول الخليج في حربه مع الجارة إيران هي المال منكم والرجال منا. حرب العراق مع داعش الان هو المال والرجال منا. الم يعلن داعش ان عداوته مع الجميع ؟ الم يذكر السعودية والكويت بالاسم ؟ الم يضم في خارطته المشؤمة جميع دول المنطقة ؟ فلماذا اذن لا تهب جميع دول المنطقة لمساعدة العراق بالمال والسلاح والصحة ؟ لو فشل العراق في حربه مع داعش , لا سمح الله , هل ستستطيع السعودية وقف زحفه ؟ وحتى لو افترضنا ان السعودية ستستطيع وقف زحفه , ولكن وقف زحفه سوف يكلفها المئات من الشهداء ان لم يكن الالاف . وسيكلف خزينتها أموال طائلة ,قد يأخر التنمية الاقتصادية للمملكة . فلماذا هذا التأخير في مساعدة العراق ماليا ؟ منح العراق 5 مليارات من الدولارات لمساعدته في حرب داعش سوف لن يخدش ميزانية دول الخليج . ما قيمة 5 مليارات من الدولارات على ميزانية السعودية التي تبلغ 300 مليار دولار ؟ وبالتواكيد 5 مليارات دولار من دول الخليج مجتمعتا سوف لن يعطل مشاريعها او يأخر دفع رواتب موظفيها.
على العراق ان لا يخجل من طلب العون المادي من دول المنطقة وهو يحارب نيابة عنها. على الدبلوماسية العراقية التحرك على دول العربية والإسلامية بل حتى دول الغير إسلامية ليوضحوا مخاطر داعش على السلم العالمي. ان بقاء العراق يحارب داعش وحيدا بدون مساعدة مالية من العالم سوف ينهك العراق اقتصاديا ولاسيما في ظل تراجع أسعار النفط العالمية. الشيخ همام حمودي النائب الأول لرئيس البرلمان العراقي ذكر ان ميزانية 2015 ستكون حوالي نصف ميزانية 2014. العراق يعاني من عجز في ميزانيته حتى قبل انخفاض أسعار النفط مما اضطر الكثير من المسؤولين اعلان حالة التقشف. شركة بيونغ الامريكية جمدت صفقة بيع الطائرات للعراق بسبب توقف العراق دفع المتبقي من قيمة الصفقة , هناك ما يقارب 450 مشروعا معطلا في واسط بسبب قلة التخصيصات المالية للمحافظة , رئيس لجنة التخطيط في مجلس محافظة البصرة اعلن ان " الحكومة المحلية مضطرة الى تعديل خطة العام الحالي وإعادة ترتيب المشاريع التي تتكون منها الخطة حسب الأولوية " , بينما كشف رئيس مجلس محافظة الانبار ان خزينة المحافظة "فارغة" بسبب عدم صرف الحكومة المركزية للموازنة وان اغلب موظفي المحافظة هددوا بترك عملهم لعدم صرف رواتبهم منذ ثلاثة اشهر. لقد أعلنت الأمم المتحدة ان هناك أكثر من خمسة ملايين عراقي بحاجة للمساعدة وتحتاج الى 173 مليون دولار. الم تسمع دولة الكويت هذا الخبر؟ دولة الامارات العربية؟ المملكة العربية السعودية؟ أليس من العيب ان تستجدي الأمم المتحدة المال لسد حاجة العراقيين والمال الكثير موجود عند إخوانهم في السعودية والكويت والجزائر وتركيا؟ أبناء العراق يحاربون نيابة عن أبناء المنطقة , الا يستحقوا الشكر والعرفان من دول المنطقة ؟ فلماذا لم يساعدوا العراقيون على دحر داعش قبل ان تصل نار داعش لهم!
مقالات اخرى للكاتب