بدأ العد العكسي للانتخابات القادمة...التي ستجري في شهر نيسان عام 2014 ... وبوادر الاعلانات والحملات الانتخابية تنبأ بأن هذه الانتخابات ستكون الاغلى في العراق وفي المنطقة .... حيث فتحت خزائن المال وبدأت عمليات شراء الذمم والاصوات ويستعد المرشحين للتسوق من بيروت (كم بدلة على كم ربطة عنق على كم اكسسوار على كم عملية تجميل وتعديل وصقل وسنفرة ) ...ناهيك عن كم بوز سينمائي للبوسترات التي غطت واجهات الابنية والمحلات وعلت على اعمدة الكهرباء وجذوع النخيل وغدا ستحلق بالفضاء بمناطيد استوردت خصيصا لهذه المناسبة ....التي حولتها الاحزاب الى احتفالية ومهرجان يتكرر كل اربع سنوات ..... للفوز بمقعد في البرلمان الذي سيدر عليهم بالمليارات والعمولات الضخمة والسمعة والجاه والسلطان وغيرها من الامتيازات التي ليس لها مثيل في العالم ...
الا اننا وعلى ضوء ما يتحرك على الارض ويتغير في الخطاب والتوجهات ويعلن عن نفسه في الصحف الحزبية والفضائيات الخاصة والعامة ..... لا نتوقع الا اسوء السيناريوهات ....
بدءا ستكون نتائج هذه الانتخابات ليست لصالح الشعب والقوى الديمقراطية .....او ان تحقق ما تصبو اليه الجماهير من صعود لشخصيات وطنية ... بل هي ستكون اشرس مرحلة واخطر مرحلة تهدد امن وبقاء العراق موحدا ....وستكون النتائج متقاربة جدا وستكون التحالفات هشة ....ولنا ان نتوقع فترة قلقة بلا ملامح واضحة ومشهد متشنج ومتفجر ...وقد تكون اخرانتخابات يشهدها العراق .... (ودائما نذكر ...هذا اسوء سيناريو )
ومن ملامح هذا السيناريو اننا سنشهد صراعا مريرا بين الكرد والاحزاب الشيعية والسنية على منصب رئاسة الجمهورية التي يرغب السنة في اشغاله للدورة القادمة ...ويعتبرونه استحقاقا تاريخيا لهم ...في مقابل التنازل عن رئاسة البرلمان التي يرغب بها اكثر من جهة شيعية ...... كما سنشهد تنامي الدعوات لتشكيل اقليم سني وسط تايد عارم من قبل الجماهير في المحافظات السنية وتصاعد الرغبة في تشكيل جيش من ابناء العشاير السنية لحماية المكون السني .... كما اننا سنشهد اقتتالا بين المؤيد لاقامة الاقليم والرافضين له ... ليحسم الصراع بمؤازرة داعش لصالح القوى الانفصالية وستشهد المنطقة الغربية من العراق تواجدا لداعش مكثفا ومؤثرا ونسمع شعارات تحرير الاقليم السني من الاحتلال الشيعي الصفوي ....لنلمس اختفاء للصوت الوطني الهادىء العاقل .....ليكون العراق الطبعة الثانية من النسخة السورية ....
اما الشيعة فالنتائج المتوقعة هي ان تكون متقاربة جدا بين الاحزاب والكتل بحيث سيكون من الصعب الوصول الى اتفاق او اجماع على شخصية رئيس الوزراء او نائب الرئيس ...هذا اذا افترضنا زهد الشيعة عن منصب رئيس الجمهورية ...اما اذا رغبوا في دخول السباق حول منصب الرئيس فتلك ازمة اخرى تضاف الى قائمة الازمات ...وسنشهد تدخلا قويا وفاعلا من قبل ايران لوحدة الصف الشيعي ... الا ان هذه الدعوات سوف لن تجد لها صدى عند بعض الشيعة الذين يرفضون تسلط حزب الدعوة .... وسيتفجر اقتتالا مرعبا حيث سيسعى حزب الدعوة الى استخدام مليشاته لتصفية التيار الصدري عند اول اختلاف فيما بينهم ليسعى الى السيطرة على الشارع الشيعي تمهيدا لحكم الاقليم الشيعي وبسط هيمنة حزب الدعوة على كل المحافظات الشيعية ...وسيحاول ان يستميل المجلس الى تحالف يرضى فيه المجلس في ان يكون وصيفا لحزب الدعوة .. ليتمكن من تحيده في صراعه مع الصدريين الذين وكما هو متوقع ان يذهبوا بعيدا عن حزب الدعوة –وعن التحالفات الطائفية ليتحالفوا مع القوى الوطنية التي تسعى لوحدة العراق ارضا وشعبا .. .... وربما نشهد تحالفا كبيرا يجمع السنة المعتدلين والتحالف الكردستاني والتيار الصدري .....وهذا التحالف ان تحقق فانه سيلجم كل السيناريوهات التي استعرضناها ..... لانه سيمثل طوق النجاة لهذ البلد .... وحظوظ هذا السيناريو تبدو ضعيفة جدا في ضوء شراهة الكرد في الاستحواذ على كل شيء ...
لكن لا احد يستطيع ان يصف مشهد العراق فيما لو حدث التقسيم....... ومن ضمن السيناريوهات الابشع هي ان يكون هناك احتلالا امريكيا اخر للعراق وهو ما يبشر به من قبل بعض المكونات ... بحجة ايقاف نزيف الدم والقتل على الهوية والعمل على تهدئة الاوضاع بين الطوائف ليتقسم العراق بقرار اممي ليجنب الاطراف المحلية من الحرج التاريخي والمسوؤلية التاريخية عن تفتيت الوطن وتقسيمه .....؟؟؟
ومن ملامح هذا السيناريو ايضا ...هو بروز دعوات تشكيل دولة كردية في كردستان العراق ليناى الكرد بانفسهم عن الصراعات المذهبية بين العرب ويلتفتوا الى البناء والاعمار والى المزيد من التمدد على الارض العراقية لاستقطاع اكثر من جغرافية الوطن المهدد بالتقسيم ... وحيث يسعى الكرد الى تشكيل نواة لدولة كردستان الكبرى .... فأن اي تقاربا من جانب الحزب الديمقراطي لكتلة التغير .. سيحفز الاتحاد لضرب وحدة الاقليم من خلال رفع شعار انفصال السليمانية عن اربيل وبتأيد ودعم ايراني كبير وتأيد شيعي ... ونشهد عودة للصراع بين الحزبين العريقين على النفوذ والسلطة وخرقا لاتفاق واشنطن عام 1998 الذي بموجبه تم وقف القتال بين قوات البيشمركة للحزبين الاتحاد والديمقراطي ..... كما سنشهد تنامي تاثير الاحزاب الدينية على التوجهات الكردية وسياسات الحزب المهيمن على اقليم كردستان ...والمقصود هنا حزب مسعود البرزاني الذي سيسبب في المزيد من الغبار في الساحة السياسية العراقية والكردية ذلك ان الجواد الجامح يعيش في داخله بهجة عارمة لاثارة الغبار من حوله ....لكننا ايضا سنلاحظ بروز اهمية استثنائية وتعاظم للدور العربي السني في كركوك ...ذلك ان ذهاب كركوك الى كردستان سيحرم الاقليم السني من بترول كركوك ....الامر الذي يستحق الحرب من اجله .... ومن هنا فان الفترة القادمة ستشهد صراعا داميا حول هوية كركوك ...
فالاكراد يعتبرونها قدس الاقداس ...لكن العرب السنة سيعتبرونها احدى القبلتين .... فأن ضياعها سيحرم السنة العرب من الحبل السري الذي يشكل مصدر الحياة ... للاقليم السني .. ....كما وسيكون التدخل السعودي مبررا للمملكة في محاولة لكسر الهلال الشيعي ... لتشهد المناطق الغربية من العراق قتالا مريرا بين قوى اقليمية وقوى محلية ... وستعمد طهران الى ادارة القتال في هذه المنطقة لترهق المملكة وتكبدها خسائر كبيرة لانها وللمرة الاولى ستسمح امريكا والغرب وبصمت وموافقة تركية لايران وسوريا من الحاق الهزيمة بالمملكة السعودية والقضاء على الفكر الوهابي التكفيري ..لكن هذا لن يحدث في يوم وليلة ....ولن يكون نزهة في بلاد السندباد .....
......وهناك لاعب مهم سيكون له اليد الطولى في المشهد العراقي عامة والكردي خاصة ...اذ
ستحاول تركيا اردوغان ان تفرض سيطرتها ووصايتها على اقليم كردستان ...ففي الوقت الذي يرفعون به من شأن زعامة مسعود البرزاني ...فهو الحليف الذي سيسلبونه تاثيره ويقمطوه بقماط تركي قوي .... ويحولونه الى ايقونة كردية لكن ببصمة تركية .. فالاتراك سيحاولون ان يحولوا اقليم كردستان العراق الى منفى جميل لكل الحالمين من الكرد بقيام دولة كردستان الكبرى .. لان اللعبة التركية بالنسبة للكرد ...هي .. تريد ارنب ...اخذ ارنب ...تريد غزال ...اخذ ارنب .....؟؟؟
....وسجل الاتراك السيء بتعاملهم مع الاقليات معروف لدى العالم ...والابادة الجماعية للارمن خير شاهد ...ان الترك اصلا غير مبالين لانهم لا يخفون احتقارهم للاقليات ....وهم كمن يرمي عضمة بلاستك للكلب الجائع ....
اما القوى الوطنية الديمقراطية التي تحاول انقاذ العراق من هذا السيناريو البشع فستتعرض الى غزوات من قبل الاحزاب الدينية والى اختراقات هنا وهناك وشراء للذمم بملايين الدولارات ...وان استحق الامر فقتل وتصفية واغتيالات لقادة هذا التيار ورموزه ... الا ان من الاخطاء التي تسجل ضد هذا التيار ....هو انها تدخل اللعبة السياسية في ساحة اعدها وخطط لها وسجل مسبقا عدد الجمهور الذي سيحضر وعدد الاهداف التي ستسجل ...الاحزاب الدينية القابضة على السلطة .... في الوقت الذي كان يجب ان تناضل فيه لتشريع قانون الاحزاب قبل ان تدخل في اللعبة ....فهي تعطي الشرعية لمن لا شرعية له ... وهي في هذا الامر تخضع لارادة من في السلطة ...ومن اراد ان يعطي الشرعية لانتخابات ممنتجة على مقاسات الاحزاب الاسلامية القابضة على السلطة سواء كانت شيعية او سنية ... وعلى مقولة ... اداينك والعب معاك .... راح اغلبك ... وعندها ترجعلي فلوسي ....؟؟؟؟؟
ويبقى السيناريو هذا هو الاسوء ... لكن هناك من ابناء الوطن من يسعى الى تحقيقه .......؟
مقالات اخرى للكاتب