أمر رئيس الوزراء نوري المالكي بإعفاء رئيس هيئة المساءلة والعدالة من رئاسة الهيئة وكالة على خلفية تصويته مع اجتثاث رئيس المحكمة الاتحادية مدحت المحمود على اعتبار انه من اعوان النظام الصدامي . وفسر الامر بانه محاولة لأبقاء المجتث المحمود بأي شكل من الاشكال في منصبه والذي يتهم بانه موالٍ لرئيس الوزراء . القرار يثير اشكالا قانونيا لان مجلس النواب هو المعني بتعيين وإقالة أعضاء الهيئات المستقلة ويحاسبها على التقصير والخلل في عملها ، ولكن لم يتم الالتزام بهذا المبدأ الدستوري في تفسير خاص للمحكمة الاتحادية عن علاقة الهيئات المستقلة بالحكومة . على اية حال ، فتح المالكي معركة جديدة مع كتل عديدة ، ولا سيما كتلة الأحرار التي ينتمي إليها شنشل ، ولم يكتف بذلك ، بل انه اتهم الجهة التي ينتمي إليها المُعفى من منصبه بأنها هددته ، إذا لم يصوت على اجتثاث مدحت المحمود .!! اذا كان رئيس الهيئة مجبرا على التصويت بجانب القرار ، كيف يقيله المالكي ؟ ولماذا ؟، وأيضا هو لا يغير من النتيجة شيئا . إن توقيت فتح الباب لمشكلة جديدة بين اطراف التحالف الوطني ، وبين دولة القانون وبقية الائتلافات التي تنتقد أداء المحكمة الاتحادية ومجلس القضاء عموما وتطالب بأصلاحه وتحمل رئيسه السابق ما حل به ، يعقد ويضر بالجهود التي تبذل لحل الأزمات . لم يتردد رئيس المحكمة الاتحادية من استغلال الدعم الذي يحظى به من بعض دولة القانون والحكومة فجاء على عجل ، او كما يقال انه استدعي ليقدم طعنا لدى محكمة التمييز الاتحادية لأعادة النظر بقرار هيئة المساءلة والعدالة . ان ما كان يتهم به من قبل المعارضين من تسيس لما صدر عن القضاء والمحكمة الاتحادية في القضايا العقدية ، اعتبر المالكي اجتثاثه قرارا “سياسيا بأمتياز “ ، اي ان الكأس الذي اذاقه للأخرين سقي منه ذاته ويصعب تبرئته منه . ان اعفاء شنشل مخالف للقانون والدستور ، وجاء على اثر رفض طلب للمالكي التريث بالأجتثاث ، ولا بد من موافقة مجلس النواب الجهة المسؤولة عن الهيئة وتحت رقابتها ، . ان عمل الدولة بهذه الطريقة مربك ، بل انه يؤشر الى عجز عن الادارة السليمة والصحيحة ، فالتدخل في عمل الهيئات المستقلة ومحاولات ثنيها عن اتخاذ القرارات او توجيهها خلافا للقانون وارادة اعضائها للسيطرة عليها ودعم موقف رئيس الوزراء ، يلحق أفدح الأضرار بالعملية السياسية . الظاهر من ذلك او يمكن الاعتقاد به ان المالكي اراد من تدخله إبقاء المحمود يمرر الطعن ويحكم لصالحه في المحكمة الاتحادية التي تنظر بمشروعية قانون تحديد الولايات للرئاسات الثلاث.
مقالات اخرى للكاتب