جاء العهد الجديد في العراق نعمة ونقمة . نعمة للعناصر البعثية في نجاح مهارتهم السياسية في تغيير جلودهم . ونزع الزي الزيتوني وتبديله بالثوب الاسلامي والبسملة والسبحة والمحبس , ان هذا النجاح الباهر المغلف بالدجل والخداع , نجح في تضليل الاحزاب الاسلامية التي غطتهم ببردتها ومظلتها , , وفتحت لهم ابواب الجنة على مصراعيها , بالمال والجاه والنفوذ , وباحتلال المراكز والمواقع المرموقة في الدولة والبرلمان والحكومة , وصاروا يتحكمون في تقرير مصير الوطن والمواطن .
بعدما كانوا عبيد وخدم اذلاء وممسوخين من المعاني الانسانية في زمن قائدهم المقبور , الذين كانوا يسبحون بحمده في التبجيل والتكبير , وتقليده صفات الالهية في الدجل الاعلامي الذي كان يتسم بالانتهازية والنفاق والتملق , فقد ساهموا من خلال كتاباتهم ومشوراتهم القضائية والسياسية , في صنع الدكتاتور المستبد والطاغي والمجنون بحب العظمة , , والذي لايعرف معنى الرحمة والشفقة والضمير والوجدان . . ونقمة بان الشعب مازال بعيدا عن قطف ثمار التغيير الجديد برحيل الحقبة الظلامية , فقد استئثر بالمنافع ومكاسب بشكل كبير هذه العناصر البعثية التي دخلت زورا وبهتانا في غطاء الاحزاب الاسلامية , واصبحوا سادة كرام يحسب لهم الف حساب , وضعوا العراق في محابسهم يتصرفون به وفق ما يريدون وما يشتهون دون حسيب او رقيب , وفي جني الاموال التي هطلت عليهم من السماء كالفيضان الذي اصاب بغداد قبل ايام , حتى صاروا يأكلون بملاعق ذهبية .
ونقمة مرة اخرى بان هؤلاء اصبحوا حجرة عثرة واداة معرقلة في الاصلاح والتغيير , الذي يخدم تطلعات وطموحات الشعب في الحرية والديموقراطية والعيش الكريم , واصبحوا عامل تخريب في تاجيج وتازيم الخلاف السياسي , بالاحتقان والتخندق الطائفي , بهدف انحراف العملية السياسية عن جادة الصواب , واخذها الى طريق مسدود ومظلم , واللعب على وتر الطائفية بهدف تفتيت الطوائف والنسيج الوطني . ان هؤلاء المرتزقة والمأجورين المتسترين بعباءة الاحزاب الاسلامية , جلبوا البلاء والمصائب للعراق من خلال مواقعهم المركزية في مفاصل الدولة . لذا ياتي في هذا الاطار قرار هيئة المسائلة والعدالة في اجتثاث رئيس المحكمة الاتحادية مدحت المحمود , لقد جاء القرار بشكل متأخر جدا جدا , وبعد خراب البصرة , بعدما تحول القضاء العراقي الى مهزلة ومسخرة للعراقيين والعالم , فقد لعب رئيس المحكمة الاتحادية المحمود , دورا بارزا في تهميش القضاء وانحرافه عن مساره الصحيح , ومساهمته الفعالة في عرقلة التطور السياسي للعملية السياسية . قد يتصور المحمود بان الشعب لايمتلك ذاكرة حية عن تاريخه البعثي الصدامي , ومشاركته في الجوقة الاعلامية في تبريج وتدبيج المقالات التي تمجد الدكتاتور وتنعته باوصاف المدح الالهي بانتهازية قحة , مثل ( الدعوة الى البيعة الابدية ) و ( اعظم قائد لاعظم شعب ) و( على بوش ان يتعلم الديموقراطية من القائد صدام ) وغيرها من المقالات التي تفوح منها العفونة والنتانة التي تزكم الانوف ..
والان يجب على هيئة المسائلة والعدالة ان تتحرى عن تاريخ بعثي اخر ساهم في جوقة الرقص والتطبيل لقائد المقبور , وهو المحامي طارق حرب , الذي يدور الحديث بشكل علني وفي الكثير من المواقع عن اسهامه في تقديم مشورة قانونية اسهمت في اقتراف ابشع الجرائم التي ارتكبها النظام الدكتاتوري ,, في اصدار قرار من مجلس قيادة الثورة المنحل الرقم 115 في 25 آب عام 1994 , والذي ينص على معاقبة بقطع صيوان الاذان وتوسيم الجبهة لكل من هرب وتخلف عن اداء الخدمة العسكرية , , ولا ننسى بان حفنة من الكتاب البترودولار , انتهزوا الفرصة الذهبية في احتلال الكويت في الاطراء الدكتاتور باعظم صفات البطولة بالنصر العظيم في غزو الكويت وشجعوه على هذا الفعل العظيم الذي سيثور ( الشعب العربي والامة عربية في ثورات تطيح بالحكام في الخليج وفي الدول العربية لتنصبه قائدا عظيما لها , بهذه الضربة معلم ), بهذا النفاق المخزي والمعيب , تجري المهازل والكوارث . ان مدرسة البعث متفننة بالخداع والدجل والنفاق والغدر والخيانة , لذا على الاحزاب الاسلامية ان تنظف بيتها الداخلي وتطرد جرذان البعث منها قبل مجيء الطوفان.