عذرا .. انستنا خلافاتهم وجرحنا النازف جريمة العصر التي اقتُرفت بحقك , اصبحتِ لا تعني لنا شيئاً .. او بالأحرى لا تعني لهم هم , اما نحن فلا نملك سوى الدموع والغصات الكئيبة بذكراك معزين انفسنا بها .
قتلك السابقون , ويحاول اشباههم اليوم دفنك لإخفاء اثر الجريمة ..... وهل لأنهم كرد ؟؟؟ ... انهم بشرٌ احرار ابرياء امنون غزتهم غربان السوء العروبي الحاقد على ما خلق الله جميعا , ولم تُبقي في ارضك ديارا ... ما سر حدقهم الدفين ؟
لم تزل حرارة الدمعة الاولى التي احسستها تعذبني كانسان يتألم ويعي مأساة اخيه الانسان تحرق مقلتي , اتذكرها واستحضر معها خجلي وخوفي على كتمان تلك الدموع لأنها تعني نهاية العالم !!! ... ما كنا لنعلم بهول الفاجعة لولا عدسات الكفار الذين استنكروا تلك الجريمة , وحدهم الكفار ومعهم المستضعفون من رفض وادان ذلك الجبن والعار الذي سيبقى وصما سيئا في جبين التاريخ العراقي ... مأساتك تكبر وغناءك الشجي يُطرب في سماء الخلود , انتِ ملحق في دروس الحرية التي صنعتها السماء للإنسانية , ذكراك ذلٌ لكل طغاة الكون ... هناك ارتباط وثيق واكيد بكربلاء الحسين .. فكم من طفل قضي عطشانا دون ولا جريرة , بل لانه من كردي ومن تلك الارض التي خصها الله لتحوي جثث طاهرة .. وكم من سبية سارت دون وعي مجبرة تحت سياط الجلادين من ابناء الخنا ؟؟؟
حلبجة مدرسة الثوار التي تعطي لهم العزم والاقدام لكسر قيود الظالمين وتجعلهم يصرون على مواصلة رفضهم للظلم على مر العصور , لا تكفي الدموع يا من حوت ارضك تلك الاجساد وهي ترتل نشيد الشهادة على درب الخلود بصوت واحد ... لقد امتزجت الدماء على ارضك , فكم من جنوبيٍ شارك اهلك ترديد ذلك النشيد ..
لك موعد مع اهوار الجنوب التي ثارت وثورت الدنيا تحت اقدام الطغاة , ابت الاهوار الا ان تشاركك العزاء , اخذت بثأرك او شاركت اهلك بتحمل المأساة , كنت صغيرا اعتقد ان من مات من اهلي قد قٌتل في حلبجة , لم يكن هذا شعورا عابرا ..... استبسلت الاهوار برفض الطغيان لكنها غيرت المعادلات بعد ان فُجعت بك ... صمتت الامواج حزنا وانحنى القصب والبردي حتى ماتت وتدريجا خسرنا تلك الجنة التي شيدها الله على ارض سومر الحضارة وبموتها الذي يعبرون عنه (تجفيف الهور) التقت الجنتان لتحكي قصة الانسانية المعذبة على ارض هذا الوطن لتبقى تلك اللعنات تلاحقنا ما حيينا.
لك من يحترم تضحياتك فاليوم شيدت على اطلالك حاضرة تبهر الانظار وكأنها عروس اسطورية تضم رموزا لأجسادٍ غيبتها سموم المبادئ العربية القومية الرافضة لكل ما هو اخر , ولم تزل عذابات الاهوار قائمة كما هي حتى يخال الانسان انه لا زال يعيش كوابيس ذلك الزمن المرعب , وستبقى تنتج الرجال الذين يذهبوا وقود للمفخخات والارهاب الاعمى وهم يبنوا منازلا لا تقي قيض الصيف وبرد الشتاء فوق ارض بها من الخيرات ما جُهز ليسرقه السارقون .
مقالات اخرى للكاتب