معادلة السيد مسرور بارزاني تجاوزت كل مشاريع الانفصال ، فهو يشير مقابل سقوط داعش في الموصل يكون الانفصال ، شريطة ان يتوزع العراق اثنيا وعرقيا وطائفيا حتى يستقر ، وهذا يؤكد بان داعش ليس يؤكد جسماً غريباً نازلاً من السماء ، وإنما هو مشروع دولي واقليمي ، فمن يشعر بان هذا الوليد الوحشي بات يلفظ انفاسه في العراق ، فلابد أن يكون البديل توزيع موروثاته على الاثنيات والعرقيات ، لكي يتم هتك القيمة الشعبية والاعتبارية والحقوقية والتاريخية للعراق ، ويتحول بالضرورة من الصراع مع داعش الى الاقتتال بين العرقيات والاثنيات،وهذا مبتغى ومطلب المشروع الاستعماري التهويدي ، ومن يدعي بان هذا مشروع معمول به عالميا، فنسأل السيد مسرور ، ثلاث محافظات في شمال العراق ، ولما اكتشف النفط في اربيل بدأ الصراع وتوقفت الديمقراطية وشلت ايادي البرلمانيين وتفككت العلاقات وصارت الممارسات الدكتاتورية العلاج لازمة الشراكة في السلطة ، فكيف يريد مسرور أن يقطع الجسد العراقي . وبمناسبة وبدونها يهدد الكرد بالانفصال عن الوحدة الوطنية العراقية وجغرافية البلاد ، وقد شكلت هذه التهديدات غصة لدى عموم العراقيين ، وهم يستذكرون باستمرار تاكيدات القيادة البارزانية خلال احتلال داعش لمحافظة نينوى ، من إن الموقف الكردي الان لم يكن كما كان ، وان المتغيرات الجديدة التي فرضتها عملية احتلال الموصل ، تحتم على الجانب الكردي أن يغير في مواقفه الجيوسياسية ، وبالفعل في الوقت الذي كانت داعش تجتاح المدن والنفوس البشرية العراقية وسبي النساء العراقيات من كل الطوائف وخاصة الايزيدية منها ، كانت القوات الكردية تتمدد في اماكن اخرى من خارطة العراق الشمالية ، وتشجع الجنود على ترك مواقعهم واسلحتهم ونزع لباسهم العسكري .
عندما نستذكر ذلك ليس الهدف منه الشماتة بالموقف السياسي للقيادة الكردية ، وانما نريد القاء الضوء حول مجموعة من المواقف التي باتت مسلماً بها من جانب الاخوة الكرد ، فالقيادة الكردية وفي مقدمتها السيد مسعود البارزاني يهدد دائما بالانفصال ، ويستنهض نفوس الكرد بالتمسك بقوميتهم الكردية ، في حين يستنكرها لدى العرب ، تحت مسميات القومجية والشوفينية وغيرها من الاسماء الكريهة ، والعديد من الكوادر السياسية الكردية تشير بان عرقهم هو مختلف اصلا عن عرق المكونات العراقية الاخرى ، وهذا يدفع نحو العنصرية وليس الوحدة الوطنية . نحن نشعر نفسيا ووطنيا بان من حق الشعب الكردي أن تكون لهم دولة فهم شعب يشكل عدد سكانه اكثر من (20) مليون نسمة في اربع دول واكثر الدول اضطهادا لهم هي تركيا ، الدولة الحليف لامريكا والاتحاد الاوربي دعاة الديمقراطية ، والعراق هي الدولة الوحيدة في كل العهود كانت تفتح الكثير من قنوات التفاهم مع القيادات الكردية ، لكن هذا لايمنع من التاكيد بان الشعب الكردي تحمل موجات من العسف والاضطهاد والقهر، وظل صامدا مكافحا مدافعا عن حقوقه المشروعة .
بعد2003 تمكن الشعب الكردي من تحقيق العديد من حقوقة ، واقامة كيان له باسم اقليم كردستان ومشارك في كل مفاصل دولة الجمهورية ، ولكن لم يشعر هذا الشعب المضحي بتلك الحقوق لامن حيث الارتقاء بوضعه المعيشي ولا ببناء علاقات مشتركة مع اشقائه العرب والتركمان يسودها الوطنية العراقية والمواطنة لكل الناس حيثما كانوا في ارض ومدن العراق مثلما موجود في الدستور وهذا بالطبع احد شروط الديمقراطية ، فالقيادة الكردية الحالية تعاملت بتمايز يكاد يصل لحدود الشوفونية مع الاقوام الاخرى ، والاقطاعية العشائرية مع الاحزاب الكردية الاخرى .
يؤكد السيد عادل مراد عضو المكتب السياسي لحزب الاتحاد الوطني الكردستاني ، بان الشعب الكردي يعيش ضروفا سياسية ومعيشية قاسية ، ونتيجة لهذا العسف اختار العشرات منهم الموت في بحر ايجة بحثا عن لقمة العيش ومن اجل الاستقرار في بلاد الغربة ، ويضيف في مقالة له نشرت مؤخرا في موقع البديل العراقي ، إن القيادة الكردية للسيد مسعود البارزاني قد التفت على منجزات الكرد وجيّرتها حزبيا وعشائريا لمصلحتها ووظفت النفط لأهدافها التي وصلت لحد تجميد البرلمان وطرد الشركاء ، وخلقت الازمات مع مركز الجمهرية العراقية بغية تمشيط الوضع لصالحها ووضع الشعب الكردي تحت ضغط الازمات ، ويشير في مقالته إن قادة الكرد دعاة ( الديمقراطية ) تحولوا الى تجار وسماسرة يبنون القصور داخل كردستان وفي دول اوربا ، وشعب كردستان المضحي يلفه العوز والجوع والحاجة .
نحن الوطنيين العراقيين كنا مع الشعب الكردي في نضالة عبر مختلف الحقب السياسية ، بتنا نشعر الان ومعنا كل عرب العراق الذين يشكلون نسبة 87 بالمئة من عموم عدد سكان العراق ، بالعزلة بين سكان شمال العراق وباقي المدن . بعد هذا التمييز في القومية والمناطقية واللغة واللهجة ، صار الشعور والرغبة ، لبعض القيادات الكردية الداعية للانفصال عن مركز الجمهورية ، ثمة تساؤلات في الوسط الشعبي العراقي ، ابرزها ان الجبهة الكردية رغم مشاركتها في كل مفاصل الدولة لكنها ليست شريكة في الالم العراقي وكل مايهمها هو تحقيق الفوز والاستحواذ لمصلحة كردستان اما العراق فهو حالة هامشية ، وهي تفتش عن وسائل البحث للاستحواذ على المزيد من المناطق والاراضي، وليس لتعزيز وحدة العراق ارضا وشعبا ، وهذا ماتكشف اكثر بعد غزو داعش لمدينة الموصل ومن الافكار الابتزازية مثل اعطونا مليار دولار شهريا نعطيكم وارد ( 500الف ) برميل ، هنا مذا تقول البصرة والكوت وذي قار وتكريت والرمادي ، بالتاكيد ان الانسان العراقي لايرغب ولم يقبل بالمطلق بهذا المنطق وبتجزءة وطنه ، وهو مستعد للدفاع عن وحدة ارض الوطن ، ولكن الضغط النفسي الذي يشكله التهديد المستمر بالانفصال جعل منه القبول بالمر كي لايتوسع الامر منه لباقي جغرافية العراق ، وهذا هو المشروع المطروح حاليا ، وتجسدة طبيعة تشكيلة السلطة التي تعتمد على هيكلية المحاصصة والولاءات العرقية والمذهبية في صفقات السلطة ، على حساب المواطنة والمشاعر والانتماء الوطني ، وبالتأكيد نحن مع تعزيز الوحدة الوطنية مع اخوتنا جماهير كردستان ، وان العراق خيمة لكل العراقيين ، وتقع عليهم مسؤولية التصدي للانفصاليين.
مقالات اخرى للكاتب