Editor in Chief: Ismael  Alwaely

Editorial secretary: Samer  Al-Saedi

Journalist: Makram   Salih

Journalist: Saif  Alwaely

Journalist: Ibnyan   Azeezalqassab

Editor: Aboalhassan   Alwaely

Reporter: Abdulhameed   Alismaeel

مقالات وأبحاث
الاثنين, أيار 1, 2023
الثلاثاء, نيسان 25, 2023
الأربعاء, نيسان 19, 2023
السبت, نيسان 15, 2023
الجمعة, نيسان 1, 2022
الأحد, آذار 13, 2022
الأربعاء, شباط 16, 2022
الثلاثاء, شباط 15, 2022
السبت, حزيران 3, 2017
السبت, أيار 20, 2017
السبت, أيار 13, 2017
الجمعة, أيار 12, 2017
الاثنين, أيار 1, 2017
1
2
3
4
5
6
   
في انتظار الغائب ..
الاثنين, تموز 21, 2014
رباح ال جعفر

المكان الجميل الوحيد الذي يجد العراقيون راحتهم في زيارته هو المقبرة . فهم يلثمون الشواهد كأنهم يلثمون خدود الحبيب ، ويبحثون بين القبور عن فردوسهم المفقود . انتابني حزن غريب وأنا أسمع صاحبي يحدثني عن قبر مالك ، بنبرة أسىً يغلبها الندم ، كمن يحبس دمعة في عينيه فيختنق .
وجدته يأخذني في لحظات عاطفية مؤثرة إلى مرثية مشهورة لشاعر قديم . قالها متمّم بن نويرة . يومها كان متمّم يجلس عند كل شاهدة قبر ينتحب ويبكي ، اعتقاداً منه أن جميع قبور الأرض نسخة من قبر أخيه مالك .
إنها صرختك الممزقة بالعذاب الإنساني حين تريد أن تزور قبور أهلك في أيام الأعياد ، فتكتشف أن وطناً ينام على خمس آلاف سنة من الحضارة صار ينام على خمس آلاف مقبرة . أينما ذهبت تشعر أن قلبك مغلول ، وصوتك مخنوق ، وصدرك يضيق ، وثيابك منقوعة بالدم . تركض مذعوراً بين الأشلاء والعظام . ليست هناك صورة واحدة تبهجك . تمدّد قبر مالك فأنجب مقابر مفتوحة إلى يوم الدين ، وأنت تسأل : ماذا فعلت بنا الأيام ، وماذا فعلناه نحن بأنفسنا ؟. 
كان صاحبي يستبدّ به الشوق . يؤرقه الغياب . لم يخطر في باله أنه لا يتمكن من زيارة بلدته الشاربة من نهر الفرات عطشاً ، أو يتنفس نسمة من نسماتها . تأخر عن موعده كثيراً . ماذا يستطيع أن يفعل بعدما قطعوا جميع الشرايين الموصلة إلى القلب ؟. 
قبل سنوات كان بإمكانك أن تزور أبعد نقطة عراقية في الخارطة من دون هاجس الخوف ، أن يستوقفك سائل عن هويتك المذهبية واسم أبيك وجدك ، وكان في مقدورك أن تتحسّس رأسك فتجده ثابتاً على كتفك لم يسقط بعد . 
تحدثنا عن أوطان تذبل كما تذبل الزهور . عن زهرة العمر الشقيّ المهدور . عن أصدقاء تركناهم في السنة الفائتة يمطروننا بأحلامهم ثم صاروا مجرد صور معلقة على الحيطان . كانوا متعبين مثل غروب برتقاليّ صغير فبكروا في الرحيل . تحدثنا عن الحنين الذائب إلى شجرة التوت الصابرة في ساحة البيت المهجور . كلما حاصرتنا الذكريات جلسنا ننفض الغبار عن أشيائنا الضائعة .
نحن المنسيّين من أبناء هذا الجيل الموزعين بين الجنازات والكآبات على حبل ممدود من المراثي ، ضجرنا من الجلوس قبالة الضفة الأخرى من الشوق . ضاقت بنا المدن الشاسعة . نمسك نجمة فتهرب نجمة . نقفز من غيمة عابرة إلى غيمة عابرة . يستهوينا البوح فنكتب ونمحو . تعبنا من صيف كئيب وخريف غاضب وربيع موحش وشتاء حزين . تعبنا من حكايات التذكر والتحسّر والتخيّل والتوهم ، ومن مناديل الحنين وأساليب الوداع والقهر والانتظار والبكاء على الديار والتلفت إلى طلول لا تردّ على سائل ، ولا تشفي غليلاً لمشتاق . نريد أن نهرب من أيام لا ترحم ، ومن عمر تركناه يتيماً في الروزنامات ، وأحلام لا زالت تنام في الدفاتر مثلما تنام العاشقة . 
ستبقى المنازل في انتظار أصحابها الغائبين . ستحكي الشبابيك الخشبية أسرار الفراشات والمخيّلات والعصافير الوافدة ، وتحتفظ لنا ببقايا كل شيء . ستولد الذكريات من عطور كثيرة . شكراً لعاشق حديثة الصديق الأديب حسان ثابت نعمان فقد أنابني اليوم في كتابة هذا المقال ، بخواطره الشجيّة القادمة من بعيد . بنفحة سمرة من نواحينا . مثل عطر مسك طفحت به الريح . إن الشجا يبعث الشجا والشجن .


مقالات اخرى للكاتب

 
أضف تعليق
نطلب من زوارنا اظهار الاحترام, والتقيد بالأدب العام والحس السليم في كتابة التعليقات, بعيداً عن التشدد والطائفية, علماً ان تعليقات الزوار ستخضع للتدقيق قبل نشرها, كما نحيطكم علماً بأننا نمتلك كامل الصلاحية لحذف اي تعليق غير لائق.
الاسم :

عنوان التعليق :

البريد الالكتروني :

نص التعليق :

1500 حرف المتبقية
أدخل الرقم من الصورة . اذا لم تستطع القراءة , تستطيع أن تحدث الصورة.
Page Generation: 0.47167
Total : 101