ليس بالغريب أن يدافع بعض السياسيين، عن الشخصيات التي ذكرت في تقرير سقوط الموصل، حتى باتت هذه المسألة في طي النسيان، وليس غريب أيضاً أن يتم ذكر بعض الأسماء في هذا التقرير بدافع الانتقام، فليس الدافع مهني أو وطني، وهذا شيئ مستبعد، بل أن المنفعة الشخصية والحزبية هي من تحرك أطراف اللعبة السياسية، منذ بدء التظاهرات والدعوة الى محاسبة المفسدين.
يذكرنا أنسحاب الجيش من مدينة الموصل، بقصة حدثت خلال حرب الكويت، حيث أصدر صدام قرار الانسحاب، بعد أن حشد الأمريكان المجتمع الدولي من أجل تحرير الكويت، الا أن أمر اللواء ٦٦ القوات الخاصة، رفض الانصياع لهذا القرار،لأنه يعلم أن في الانسحاب أبادة كاملة لجميع قواته، وانه لا بد من أن يكون هناك أنفاق أولي.
بعد أنتهاء أزمة الكويت وصفاء الأجواء، تفرغ له الطاغية، وأرسل له مبعوثاً يستدعيه الى القصر الرئاسي، وعند وصوله وجد الرئيس المقبور جالساً ؛
وبدأ بسؤاله ؛
لماذا لم تنفذ أمر الانسحاب منذ البداية؟
بارق ؛ أتذكر جيداً عندما أبلغتنا بعدم الأنسحاب، وقد قلت بالحرف الواحد؛ حتى لو سمعتوني شخصياً عن طريق المذياع، وان أمر الانسحاب بهذه الطريقة كان خطأً جسيم.
الطاغية ؛ أنت جبان !!
بارق ؛ أنا لست جبان ! الجبان من أعطى قرار الانسحاب !!
عندها ثار الطاغية، واستشاط غضباً، وسحب مسدسه وأطلق الرصاص مباشرةً نحو اللواء الركن بارق الحاج فليح .
هذه القصة تجعلنا نتسائل ؛ هل يحاسب اللواء بارق بهذه الطريقة، ولا يتم محاسبة القيادات العسكرية التي تسببت بخسارة ثلاث محافظات عراقية ؟
مما لا شك فيه ؛ أن هذه القيادات ومن يقف ورائها تسببوا بكارثة حقيقية، وأن عمليات الفساد المالي والإداري في المؤسسة الأمنية، يتحملها من كان مسؤولاً عنها، ومن ترتبط معه حزبياً، ومن قام بجلب هؤلاء على أساس الولاء للحزب لا للوطن.
كشفت هذه الانتكاسة، ضعف القيادات العسكرية في الدفاع عن المدينة، أمام "ثلّة" من الإرهابيين، وعن واقع عسكري مريع، يتمثل بـ"بيع المناصب العسكرية" لكائن من كان، شريطة أن يدفع أكثر لرجال متنفذين في مكتب القائد العام للقوات المسلحة.
هكذا شغلت الوظائف الهامة، والمراكز الوظيفية العليا، بأشخاص غير مؤهلين وغير ذوي كفاءة، مهمتهم الأساسية هي تعويض ما دفعوه من أموال لشراء المنصب، وترتيب فوائد عليه، وهو ما يسميه المراقبون في العراق "حلب الوزارات".
أسندت المناصب العليا لضباط من الدرجة العاشرة، أسقطهم داعش بـ"الإشاعة" فقط، وليس بالمواجهات المسلحة، وكانت رتبهم العالية موضوع تندر لغالبية وكالات الانباء والتلفزة العالمي، وأنتشار مصطلح"الفضائيين" وهم الجنود الذين يتبرعون بالأموال لمرؤوسيهم، مقابل عدم دوامهم وجلوسهم في البيت، حتى تجاوز العدد الـ ٥٠ الف فضائي.
خلاصتي هي ؛ أحالة زيباري وقنبر وغيدان والغراوي، الى المحكمة العسكرية خطوة مهمة، ونعتقد أنها مكملة لأجراءات تقرير سقوط الموصل، من أجل تحديد مسؤولية من أزهق كل هذه الأرواح، التي لا ذنب لها سوى أنها خدمت بأمرة مجموعة من الفاسدين، جاءت بهم المحسوبية، وفسادهم المالي، وولاءهم للمادة ومن يدفع أكثر ولا علاقة لهم بالوطن، ويبقى السؤال المطروح هل يحاسب اللواء بارق ويخلى سبيل القيادات الفاسدة ؟
مقالات اخرى للكاتب