الرقم المخـزي أعـلاه ليس من عندي ولكن تقرير لممثل الأمم المتحدة في العـراق قدمه بعد دراسة ميدانية , ولكني أشـكـّك في هـذا الـرقم وأعتـقـد إنه أكـبـر بكثيـر , فرؤية الأطفال في الشوارع حفاة , عراة يبيعـون المناديل الورقية أو الحلوى الملوثة أو النساء وهن يفترشن الأسواق أو الطـرق يبيعـن " الدواء" أو السلع البسيطة أو الأكلات غير الصحية لكي يستطيعون – الأطفال والنسوة- من مجابهة متطلبات الحياة الصعبة بعد أن عجزت الأجـهـزة الحكومية من مــد يـد المساعـدة لهذه االفئات من شعبنا وتقديم واجب المساعدة . حينما أقول إن الـرقم يفوق تقرير الأمم المتحدة لأنني أنـظر الى العـار الذي يعيش فيه العـراق من أقصاه الى أقصاه ما عدا المناطق التي يعيش فيها " السياسيون" أو " رجال " الدين أو " المسؤولون" أو " الحزبيون" بينما بقية شعبنا يـرزح تحت خط الفقـر ويغـرق في الجهل ويعاني من أمـراض شتـى وأولها سوء التغذية والمعاناة النفسية والخوف من الإرهاب المنتشر في كل زاوية ويقتل بدون هدف ودون وازع ديني أو أخلاقي في حين كل " مسـؤول " محـاط بحفنة من المدججين بالسلاح ومفتولي العضلات وهنا أشيـر دون تـردد الى كل مـسـؤول عـراقي أبتداء من رئيس الجمهورية المختفي عن الأنظار منذ شهور نتيجة أصابته بالجلطة الدماغية ولحد كتابة هذا المقال ورغم هذا فهو يستلم راتبه " الضخم" دون حق ودون تعب أو جهد يذكر ؟!! ومـروراً بالسيد رئيس الوزراء المالكي الذي يجمع "مناصب" ويقبص راتباً يفوق راتب الرئيس الأمريكي " أوباما" بعدة مرات وهورئيس أكبر وأغنى بلد في العالم ؟!! علماً بأن المالكي يقبع في منطقة آمنة تسمى " المنطقة الخضراء" لا أخضرار فيها ولا زرع و لا ضـرع سـوى إنـهـا منطقة محاطة بالسواتر الإسمنتية وبالجنود المجندة لحماية " السادة" المسؤولين و أعضاء مجلس "النواب" الـذين لم يقدمـوا شيئاً يذكر ومفيد لشعبنا وحل مشاكله المعيشية المزرية , بل إنشغـلوا بالمـهـاتـرات وتعمـيق الحزازات و نشر التفاهات ورص صفوف الطوائف والعـمل على تقاسـم النفوذ وخيانة العـهـود وأكل لحم شعبنا وحقـه بكل خسـة وصفاقة وجحـود . ماذا يعني وجود 6 مـلايين عـراقي تحت خط الفقــر – كذا ؟!!- في بلد يسبح على بحر من النفط ويبلغ مايصدره شهرياً 3.3 ملايين برميل بسعـر يتجاوز المائة دولار وتبلغ ميزانيته حوالي( 120) مليار دولار أمـريكي هذا من النفط أمـا الشـفط فلم نذكره ! ويستـطيع أن يجمع من التجـارة " الدينية" ملايين أخـرى لا تعـد وتحصـى .

هذا كله موجود في بلاد ما بين النهـرين , مـهــد الحـضــارات و مهـبـط الأنبيـاء وثاني مـصـدر للنفط في العـالم ! الفقــر تحت وفوق الخط , بينما " المسؤولون يعيشون فوق خط الغـنى والترف والسرف , المـرض ينتشـر في المدن والأرياف والقرى دون أن نجد من يصرخ دون خـوف أين حقــي! في القـرن الـ21 وفي بلد غني نجد الثلاثي المخيف والمـرعب الفقـر والمـرض والجـهـل هـو المنتشـر وغير المستـتـر والحكومـة لا في العـير ولا النفـيـر , مـن نـلوم في كل هـذا , الحكومة " الوطنية" غيـر الشـريفة ؟! أم مجلس النواب غير الوطني وغير المنتخب من شعبنا بصورة قانونية وحسب قانون نزيه وصحيح للإنتخابات , أم نلوم المنظمات المدنية التي كثرت بعد الإطاحة بنظام البعث الفاشي دون أن نرى طحنها , هل نلـوم المـواطن العـراقي المغلوب على أمـره والذي يتقلب في الدوائـر " الحكومية" ويحيـر كثيراً في توفير " الرشوة " مقدمـاً حتى يحصل على مطلبه سواء في التعيين إذا وجد أو تمشية أمـر الحصول على الجنسية أو تجديدها أو شهادة الجنسية أو أي معاملة أخرى في أي دائـرة من دوائـر " الدولـة" , نلوم أو لا نلوم فنحن لا نستطيع أن نـغـّيـر ما بقـوم حتـى يغيـّروا ما بأنفسـهـم – حسب القرآن الكريم- كنا نلوم صـدام وعصابته في تبديد أموال العراق وتجويع شعبه في حـروب عبثية ومغامـرات غبيـة وغير محسوبة العـواقب , حتى جاء من ينقذنا منه لكي نبدأ بناء ديمقـراطية على الطـريقة الأمـريكيـة ! ووضعـوها بيـد غيـر أمينة وغير مخلصة ليست قوية وليست ذكية وكفوءة فإذا بنا نهبط الى أسفل السلم في كل المستويات الإقتصادية والعلمية والإجتماعية والسياسية وساد الجهـل فينا وغزانا من لا يرحمنا , فلا الشعب يحكم نفسه و لا الحكومة تحكم بعدل وديمقراطية وإنسانية . أيعـقل وبعد 10 سنوات من العـراق الجديد كما يرددوا ونردد معهم كالببغـاوات ما زال حال شعبنا يُبكي ويُحـزن , لا ماء صافي صحي و لا كـهـرباء مثل أي دولة ليست غنية و لا شوارع أو أسواق عصرية و لا مساكن حديثة و لا مصانع و لا مستشفيات حديثة بأجـهـزة طبية متطـورة و لا مـدارس حديثة مبنية كمدارس وليست طينية يجلس فيها الطلاب متراصين , مزدحمــين وللأرض مفترشين !! أما الزراعة في بلاد الرافـدين أصبحت هواية للفلاحين بعد أن كانت حـرفة , نأكل منها ونصدر الفائض , البصـرة ميناء العـراق الوحيد تعيش على مزابل تنتشر في شوارعها ويأتي وزيـر الشباب والرياضة الذي لا يفقه أي نوع من الرياضة ولم يمارس في حياته حتى التمغط لكي يعتب على " الخليجيين" لنقلهم "خليجي 22 " من البصرة ويهدد ويتوعد وكإنه حـــوّل البـصـرة ما بين غمضـة عين وإنتباهتها الى ملاعب عالمية وأسواق حديثة وشوارع عريضة جميلة وفنادق تضم كل الدرجات وصولاً الى أكثـر من 5 نجوم !

يجب أن يخجل كل مسـؤول سواء سياسي أو حزبي أو ديني معمم بأي لون بعد سمـاع مثل هذه الأخبار وهي وجود 6 ملايين عـراقي تحت خط الفقـر , العار ثم العار عليكم ومنكم أيها المسؤولون , كيف ستنامـون والفقـر ينتشـر وروائح الدم تنبعث من أجساد العراقيين المقتولين هنا وهناك على يد القتلة السفلة الإرهابيين , كيف يغمـض لكم جفن وأنتم تتصـدّرون واجهة المسـؤولية و لا تحركون ساكناً في حرق المسافات والوقت في سبيل رفع المستويات الإجتماعية والإقتصادية والعلمية لشعبكم , ليس من العيب أن تستعينوا بكل خبرات العالم المتطور والإستعانة بكل خبرات العراقيين المنتشرين في العالم لكي يساهموا في بناء عراق حديث ومتطور وحضاري , لسنا بحاجة للشعارات الجوفاء و التي لا تغني و لا تشبع , نريد أن نـرى الواقع أمامنا مشعاً منوّراً في بلـد غني بكل شئ , نفطه سيكون آخر بئر في العالم ينضب ! بلد زراعي بنهرين عظيمين ؟! كفاءات علمية منتشرة تحن للرجوع للوطن الأم لتقديم كل خبراتها العلمية والأدبية والإجتماعية , لسنا بحاجة لأناس ينشرون الغيبيات والخرافات في عصر العلم والحضارة .

من العار أن ينام المسؤولون وشعبهم جائع وجاهل ومريض , فهل يؤنبهم ضميرهم ؟ ويردعهم دينهم ويزع ضميرهم وأخلاقهم لكي يعملوا على ما يفيض السعادة في نفس وروح كل عـراقي مهما كان مذهبه ودينه وقوميته , إنكم جئتم لخدمة العراقيين وهذا واجبكم وليس لنهب ثـرواته وسـفـك دمـاؤه وتشريد أبناءه .

" لو كان الفقـر رجـلاً لقتلته "

الإمام علي عليه السلام
المهندس فؤاد البصراوي