فتية آمنوا بربهم فزدناهم هدى، في زمن صعب محاط بجواسيس الطاغية، الذي رفض المسيحية، وجميع الناس يدينون له بالطاعة والولاء إلا هم، فقد كانت حرية الحسين تسري في قلوبهم، وبرزوا لنصرة الحق كيفما تكون نهايتهم، لأنهم عشقوا مبادئ الصبر على الشدائد، فما أرادوا سوى عبادته، بعيداً عن القمع والطغيان، وعلموا معنى أن يكونوا مظلومين فينتصروا!
مَنْ يسمع آيات أصحاب الكهف في القرآن الكريم، يقول إن هذا شيئاً عجباً، فقد أتاح الباريء للفتية العودة الى الحياة، ليشهدوا إنتصار مبادئهم، التي ناضلوا من أجلها، وقد شاهد الناس معجزتهم، فأصبح كهفهم مكاناً مقدساً، ومزاراً مباركاً يؤمه المؤمنون، من كل حدب وصوب، فأعلن النوم الطويل، والحياة ليوم واحد نصره على الطغاة، وباتوا أعجوبة عصرهم!
الحياة كلها مدونة بإسم الحسين (عليه السلام)، لأن الباريء عز وجل مكتوب عنده في ساق العرش: (الحسين مصباح الهدى وسفينة النجاة)، وعليه فنظام الكون تأسس، على أن الإسلام الذي حارب من أجل إستقامته، أبو الأحرار وسيد الشهداء (عليه السلام)، هو طريق الدين، والنجاة الأبدية، والفوز العظيم، ولكن إلا يعني إنتصار الدم على السيف العجب العجاب؟
هناك أمانة عظيمة، أرسلها الخالق سبحانه وتعالى، الى الأرض والسماء، فأبين أن يحملنّها، أما الأنبياء فهم لم يستطيعوا حملها أيضاً، لما يراد لها من ذوبان في عشق الرب، وإمتثالاً لأمره عز وجل، وما أعظمه من فداء وعطاء، لنبي من قريش، ومن أهل بيت طهروا تطهيراً، فيا له من بلاء وإختبار مطلق، لم يستطع عليه صبرا!
أصحاب الكهف سعدوا بنصرهم، لكنهم إختاروا الموت، على البقاء في زمن ليس زمنهم، أما الحسين وأصحابه فقد أمنوا، بأن النبي محمد والحسين، 0صلواته تعالى عليهما) من نور واحد، فهو نفسه التي منه، في قوله: (حسين مني وأنا من حسين)، لذا أدركوا بأن كل أرض كربلاء، وكل يوم عاشوراء، نصرة للدين والحرية، رغم أنوف المنافقين والمارقين!
العجب الأعجب من كل العجاب، هو التضحية في واقعة الطف، وقصتها الولائية، التي حملها النبي (صلواته تعالى عليه)، حباً بالباريء عز وجل، بأغلى ما يملك، وهو سبطه الحسين، فشاء أن يراه شهيداً، ويراهن سبايا، فبدأت ثورة الكرامة والشهادة، وأسطورة إنتصار الدم على السيف، وثبت الدين بدمه الحسيني، وخلوده الكربلائي، وإعلامه الزينبي، ليبقَ الإسلام بأحسن تقويم!
مقالات اخرى للكاتب