يتباكى الكثير من الكتّاب على رواتب نواب رئيس الجهمورية، بل وحتى على راتب رئيس الجمهورية نفسه، بحجة الأزمة المالية التي يمّر بها العراق تقتضي التوفير. و لكن السؤال الأهم هو على ماذا يتم صرف الاموال في حال توفيرها، و هل لذلك علاقة بمن تسبب بالازمة المالية؟
عندما تم إقالة نواب الرئيس في عام 2015 توقفت المالية عن صرف رواتبهم، فعلي ماذا صُرفت رواتب النواب إذا؟ تزامن أيقاف صرف رواتب النواب مع استقطاعات أقرها رئيس الوزراء على رواتب الموظفين العاديين، من خلال سلم الرواتب الجديد، بالاضافة إلى أيقاف صرف التقاعد للمتقاعدين! فالمطالبة الحادة بوقف رواتب النواب بحجة توفيرها، لم تؤدي إلى زيادة الرواتب و التقاعد، بل على العكس تم تخفيضها و استقطاعها و إيقافها فعلى ماذا صُرفت الاموال؟
بل إن مستشار العبادي للشؤون المالية
مظهرمحمد صالح صّرح و لأكثر من مرة أن إجراءات العبادي و سلم الرواتب الجديد وفرت ثلاث تريلونات دينار ستصرف على الموظفين!!! لكن الموظفين لم يستلموا شيئا، بل تم استقطاع رواتبهم!! فأين ذهبت التريلوينات الثالثة التي تم توفيرها؟؟؟ فالنواب لم يستلموا رواتب، و الموظفين استقطعت رواتبهم، و المتقاعدين توقف تقاعدهم. فمن استلم و أين ذهبت التريلونات الثالثة و على ماذا صُرفت؟؟ أنظر الرابط حول تصريح المستشار المالي للعبادي بتوفير المبلغ في أدناه.
إن مبلغ ثلاثة تريلون دينار يعني ببساطة ثلاثة مليارات دولار. إي ما يعادل 3% من مجمل ميزانية عام 2015 و البالغة 105 مليار دولار، فأين ذهب هذا المبلغ؟ لنرى معاً.
لقد بلغت صرفيات الشاي و القهوة للوزير الواحد في حكومة العبادي مائة مليون دينار في الاسبوع الواحد! إي ما يعادل عشرة ملايين دولار في الاسبوع الواحد للوزير الواحد. فخلال شهر واحد صرف الوزير الواحد أربعين مليون دولار على الشاي و القهوة!!! إن مبلغ عشرة ملايين دولار يكفي لتمويل وزارة كاملة أو أكثر من وزارة لمدة سنة كاملة بما فيها رواتب الموظفين لمدة سنة كاملة دون استقطاع. فعلى سبيل المثال بلغت ميزانية وزارة العلوم و التكنولوجيا- التي ألغاها العبادي- لعام 2009 ثلاثة ملايين دولار و نصف!! أقل مما صرفه الوزير التقشفي على الشاي و القهوة في اسبوع!!! بل أن المبلغ الصروف في اسبوع يكفي لتمويل ثلاث وزارات لمدة سنة!! لقد بلغ مجموع ما صرفه الوزير الاصلاحي في الحكومة الاصلاحية 480 مليون دولار في السنة على الشاي و القهوة!! إي أن الوزير الاصلاحي صرف نصــــــف مليـــــــــــــــــار دولار على الشـــــــــــاي و القهوة، في أوج تباكي العبادي على الاصلاح و التقشف و الترشيق!!! و مع ذلك، لم يحاسب العبادي وزيره على هذا البذخ في أوج الازمة!! فلماذا يلاحق
العبادي معصوم و نوابه على رواتبهم؟ ربما لأنه خائف منهم و من منافستهم له و من شبعبيتهم الكاسحة.
والأهم من ذلك، لماذا يحـــــــــــــــرم العبادي العراقييـــــــــــــــــن من رواتبهم و تقاعدهم بحجة التوفير و التقشف؟! ليبلغ مجموع ما صرفته حكومة العبادي الاصلاحية على الشاي و القهوة عشر مليارات دولار و نصف!! إي أن حكومة العبادي صرفت عُشر الميزانية (10/1) من الميزانية على الشاي و القهوة!! بل أن حكومة العبادي صرفت ما يعادل ميزانية الأردن كاملة لعام 2015 على الشاي و القهوة!! لقد بلغت ميزانية الأردن 11 مليار دولار غطت كل مصاريف الأردن، من ماء صحي بدون كوليرا، و كهرباء مستمرة، و غاز، و بنزين، و رواتب و تقاعد – التي مازال العبادي يلاحقنا عليها بالحرمان و الاستقطاع و بكل دناة و حقارة- و الجيش و تجهيزاته الكاملة، و الشرطة و احتياجتها، و الأمن بكل أنواعه، و المستشفيات التي تبدو و كأنها فنادق درجة أولى، أما المدراس الاردنية فهي مجهزة بالكتب و المباني الحديثة و الصحية، أما التسهيلات المصرفية للمتقاعدين الاردنيين، من الايداع المباشر في الحساب المصرفي دون حاجة لمراجعة دائرة التقاعد، أو شهادة الحياة المقيتة، التي يعاني منها كل اللاجئين العراقيين في الخارج
بل لم تكتفي حكومة العبادي بهذا القدر من هدر أموال العراقيين و حرمانهم منها! لقد صرف أحد الوزراء -كما هو مثبت من تصريح اللجنة- مبلغ 424 مليون دينار لشراء السيارات، إي ما يقارب 500 ألف دولار على السيارات لوزير واحد. و بالتاكيد تم صرف مبالغ مشابهة من قبل باقي الوزراء، و البالغ مجموعهم 22 وزير!!! ليكون مجمل صرفيات حكومة العبادي على السيارات 11 مليون دولار! 11 مليون دولار صُرفت بلمح البصر، إي لم تصرف خلال شهر أو اسبوع بل صُرفت في التو اللحظة! و يمكن تكررها!! أما مصاريف أقامة دعوات الغداء و العشاء في مطاعم العاصمة فقد بلغت في الاسبوع الواحد 13 مليون دينار!!! إي 13 ألف دولار في الاسبوع إي ما يعادل 52 ألف دولار في الشهر للوزير الواحد و حوالي 624 الف دولار ( ما يقارب نصف مليون دولار) في السنة للوزير الواحد.
لماذا تتباكى حكومة العبادي و يطلعنا رئيسها شاكيا باكيا من قلة الموارد المالية ليل نهار كلما تعلق الامر بحقوق العراقيين في حين أن مليارات الدولارات تبعثر من قبل الحكومة دون حسيب أو رقيب!! هل كان الوزير الواحد سيصرف عشـــــــــرة مليون دولار على الشاي و القهوة لو كان يتحمل المصرف من راتبه؟ لماذا يسكت البرلمان عن هذا الاستهتار؟؟ نعم تذكرت البرلمان خوّل العبادي صلاحيات تشريعية كي يتصرف باموال العراقيين دون ازعاجه باي سؤال! ليصرف كما يشا و كله اصلاح!!!
أما مصاريف الدعاية والاعلان ( دونما تحديد لطبيعة الدعاية والاعلان و مدى الحاجة إليها فالبرلمان كان في حالة سُكر شديد و لم يستطيع أن يناقش العبادي و وزراءه في مدى الحاجة للدعاية والاعلان!!) فقد بلغت 220 مليون دينار شهريا أي 220 ألف دولار للوزير الواحد خلال الشهر الواحد إي ما يقارب 26 مليون دولار في السنة!!
أنظر تصريح
اللجنة المالية البرلمانية حول صرف المبلغ المذكور على الشاي و القهوة!!
لقد قامت حكومة العبادي بحرمان العراقيين من أبسط حقوقهم لتهدر أموالهم و تبعثرها على ملذاتها الخاصة من شاي و قهوة و سيارات و دعايات و اعلانات و مطاعم!! فرئيس الحكومة نفسه يتباهي بساعته اليدوية التي كلفت أكثر من خمسين ألف دولار، فهو لا يعدم الظهور امام الكاميرات ملوحا بديه عارضا ساعته الثمينة امام انظار من حرمهم من حقوقهم!! فكم يبلغ راتب رئيس الوزراء حتى يتمكن من شراء ساعة بهذا المبلغ الضخم و كم يصرف على حذاءه و اربطة عنقه و قمصانه و بدلاته؟ أليست هذه اموال العراقيين؟!!
أن موقف رئيس الوزراء الذي يتباكي على الفلس و الفلسين، لا ينسجم مع تصرفات اعضاء حكومته التي تبعثر اموال العراقيين يميناً و يساراً، بل و تحرم العراقيين من رواتبهم و تقاعدهم و التي هي أبسط حقوقهم!!! فالحكومة الاصلاحية في أول اجراء لها استقطعت من رواتب الموظفين و اوقفت تقاعد العراقيين لتصرف الأموال على الشـــــــــــــــــــــــــاي و القــــــــــــــــــــــــهوة في مكاتبها! إي اصلاح هذا و إي ديمقراطية و إي رقابة؟؟
لقد قام البرلمان و في سابقة خطيرة بتخويل العبادي صلاحيات تشريعية، نجم عنها استيلاء حكومة العبادي على المال العام دون وجه حق. و حرمان العراقيين من أبسط حقوقهم من رواتبهم و تقاعدهم لتصرف الاموال على الملذات الخاصة ،لاعضاء الحكومة دون حسيب أو رقيب! فمن يتحمل المسؤولية؟ لقد أشترك البرلمان في جريمة حرمان العراقيين من حقوقهم من رواتبهم و حقوقهم التقاعدية. البرلمان يتفرج على العراقيين و هم يعانون الامرين في سبيل لقمة العيش، بل البرلمان ساهم في معاناتهم من خلال اقرار الاستقطاعات و تخويل العبادي صلاحيات ليست من حقه!! إذا كان البرلمان عاجز عن محاسبة الحكومة و رئيسها فلماذا بقاءه؟ ليقول نعم لكل ما تريده الحكومة!! يمكن أن يقول نعم لمرة واحدة و يذهب اعضاءه الى بيوتهم و يروحنا من تصريحاتهم السخيفة التي تثير الغثيان!!
أطالب البرلمان باعادة حقوق العراقيين كاملة من رواتب و تقاعد دون نقص أو استقطاع، و صرف كل الفروقات التي يستحقها العراقيون منذ تولي العبادي المشؤؤم للحكم لحد هذه اللحظة . أطالب البرلمان بتشريع قانون لسلم الرواتب يوفر للعراقيين كافة رواتب مجزية تتناسب مع غلاء المعيشة، بالاضافة الى مخصصات و منافع اجتماعية و طبية. أطالب البرلمان بمنح كل عراقي 90% من أخر راتب استلمه حتى و أن خدم سنة واحدة مع زيادة قدرها 30% غلاء معيشة كل سنة. أموالنا تُصرف علينا. أطالب البرلمان بمصادرة أموال حكومة العبادي الشخصية بما فيها أملاك العبادي نفسه سواء في لندن أو غيرها و بيعها بالمزاد العلني و تحويل الاموال للخزينة العامة! فمن أين للعبادي و وزراءه المال اللازم لشراء عقارات بملايين الدولارات!! أموال العراقيين للعراقيين و لا يحق لأحد كائن من يكون حرمانهم منها!!
ليتحمل البرلمان مسؤوليته في محاسبة الحكومة و تشريع القوانين التي تخدم المواطن بدلا من الاستهتار بأرزاق العراقيين و سكوته المعيب عن سرقات حكومة العبادي لقوت العراقيين!
الروابط
تصريح اللجنة المالية عن مصروفات حكومة العبادي
http://aliraqnews.com/%D8%A7%D9%84%D9%84%D8%AC%D9%86%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%A7%D9%84%D9%8A%D8%A9-100-%D9%85%D9%84%D9%8A%D9%88%D9%86-%D8%AF%D9%8A%D9%86%D8%A7%D8%B1%D8%B4%D9%87%D8%B1%D9%8A%D8%A7-%D8%B5%D8%B1%D9%81/
تصريح مستشار العبادي حول توفير ثلاثة تريلونات و تخصيصها للموظفين و في الحقيقة تم استقطاع رواتب الموظفين
http://www.alsumaria.tv/news/149906/%D9%85%D8%B3%D8%AA%D8%B4%D8%A7%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%A8%D8%A7%D8%AF%D9%8A-%D8%B3%D9%84%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%B1%D9%88%D8%A7%D8%AA%D8%A8-%D8%A7%D9%84%D8%AC%D8%AF%D9%8A%D8%AF-%D9%88%D9%81%D8%B1-%D8%AB%D9%84/ar#
ميزانية الاردن لعام 2015 والبالغة 11 مليار دولار
http://www.aljazeera.net/news/ebusiness/2015/2/26/%D8%A7%D9%84%D9%86%D9%88%D8%A7%D8%A8-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%B1%D8%AF%D9%86%D9%8A-%D9%8A%D9%82%D8%B1-%D9%85%D9%88%D8%A7%D8%B2%D9%86%D8%A9-2015
مقالات اخرى للكاتب