على الرغم من انها عاصرت كُتَّابا مهمين امثال (جان بول سارتر) و(اجاثا كريستي) وعرفت بشكل خاص في مجال كتابة الرواية البوليسية الا انها لم تحصل على التغطية الكافية للتعريف بها في الوسط الثقافي العربي .
ولدت الروائية والكاتبة المسرحية (اليزابيث ماكنتوش) وهو اسمها الحقيقي في اسكتنلندا عام 1896 بمدينة (انفرنس) شمال المملكة المتحدة ودرست في الاكاديمية الملكية لها ثم بعدها في كلية (أنستي) للتربية البدنية في (ايدنكتون) وهي احدى ضواحي مدينة بيرمنكهام وقامت بتدريس التربية البدنية بمدارس متعددة في بريطانيا واسكتلندا , لكنها وفي سنة 1923 عادت الى مدينتها (انفرنس) لتعتني بوالدتها المريضة وبقيت كذلك حتى وفاة والدتها كي تستمر بالعناية بوالدها ورعاية شؤون المنزل من اجله وفي تلك الفترة بدأت مسيرتها المهنية في مجال الكتابة والادب.
ان افضل اعمال ماكنتوش الادبية كُتبت تحت اسمها المستعار (جوزفين تي) حيث ان جوزفين هو الاسم الاول لوالدتها بينما بيقى الاسم الثاني (تي) مجهول المصدر
في خمسة من اعمالها الادبية التي تتسم بالغموض تقدم لنا الكاتبة بطلها الرئيسي والمحوري مفتش شرطة (اسكوتلانديارد) الذي يحمل اسم (الان غرانت) بأستثناء عملها السادس الذي يحمل عنوان (قضية الامتياز) التي صدرت الطبعة الاولى منها سنة 1948 ثم انتجت كفيلم سينمائي سنة 1951والتي يظهر (الان غرانت) في هذا العمل كشخصية ثانوية .
كتبت (جوزفين تي) أهم اعمالها الروائية بعنوان (ابنة الزمن) حيث حازت على لقب (افضل رواية بوليسية على الاطلاق) من قبل جمعية كُتَّاب الرواية البوليسية البريطانية سنة 1990 فيما احرزت روايتها (قضية الامتياز) التسلسل الحادي عشر من بين افضل مائة كتاب في هذا المجال .
اماسبب نيل روايتها (ابنة الزمن) شهرة واسعة ذلك لأنها تتناول قضية تاريخية مهمة من تاريخ انكلترا والتي يكون فيها المفتش (الان غرانت) راقدا في المستشفى فيما يقدم له اصدقائه مصادر بحثية ووثائق معاصرة لكي يبحث في لغز تلك القضية التاريخية المتمثلة فيما اذا كان الملك (ريتشارد الثالث) ملك انكلترا في القرن الثالث عشر قد قام بقتل اولاد اخيه ام لا واللذان قام بسجنهما في برج لندن في تلك الحقبة حيث يتوصل (غرانت) الى استنتاج راسخ الى ان الملك بريئ من تلك الجريمة .
في رواية (قضية الامتياز) التي تمتلك ايضا سياقا تاريخيا والتي كتب في الاربعينيات فقد اعتمدت على حادثة اشتهرت في بريطانيا في القرن الثامن عشر لقضية امرأة تدعى (اليزابيث كانينغ) التي كانت تعمل مدبرة منزلية وادَّعت انها قد أُحتجزت رغماً عن ارادتها في مخزن للقش لفترة شهر ثم تطورت قضيتها لتصبح من أشهر قضايا الجريمة الغامضة البريطانية في وقتها .
ان رواية (ابنة الزمن) الشهيرة هي اخر رواية لجوزفين تي طُبعت خلال فترة حياتها ,تركت الكاتبة ما يُقارب الاثني عشر مسرحية ذات فصل واحد وبنفس العدد ايضا مسرحيات طويلة وكلها كتبتها المؤلفة تحت اسم (غوردون ديفوت) وقد قدمت الاذاعة المصرية في الستينيات جزءا من مسرحياتها تلك مثل (تذكَّر قيصر) و(التوفيق حليفنا) ولايُعرف على وجه التحديد لماذا اختارت هذا الاسم الا ان اسم (ديفوت) يعود الى منطقة ريفية خلاّبة قرب (انفرنس) مدينتها التي ولدت فيها حيث قضت هناك اوقاتا سعيدة كثيرة مع عائلتها .
كما ان اربعة فقط من مسرحياتها تلك قُدِّمت خلال حياتها واكثرها نجاحا مسرحية (ريتشارد بوردو) التي عُرضت في بداية الثلاثينيات واستمر عرضها لمدة أربعة عشر شهرا متواصلة أكتسب من ورائها الممثل المسرحي الانكليزي (جون غيلغود) الشهرة والصيت.
كانت (جوزفين تي) تتجنب الاضواء وتميل الى الانفراد والعزلة وعدم الظهور الى العلن , وخلال سنتها الاخيرة عندما علمت انها مصابة بمرض مميت مالت نحو الانطواء كثيرا على نفسها وانقطعت عن التواصل مع اصدقائها والمقربين منها , كان عملهاالروائي ما قبل الاخير (سفينة القراصنة) سنة 1952 الذي يتحدث عن حياة قرصان يدعى (هنري مورغان) وهي رواية ذات طابع رومانسي , اما روايتها الاخيرة (الرمال المنشدة) فقد عُثر على مسودتها وقد نُشرت بعد وفاتها.
توفيت الكاتبة (جوزفين تاي) بسبب مرض سرطان الكبد في منزل اختها بلندن في الثالث عشر من فبراير سنة 1952 حيث لم يكن اغلب اصدقائها يعلمون بمرضها بما فيهم (غيلغود) الذي صُدم بقرائته لخبر وفاتها في جريدة (التايمز) .
تركت الكاتبة ما يقارب الواحد وعشرون رواية واثنا عشر مسرحية وتناول العديد من الكتّاب المعاصرين اقتباسات من اعمالها او ذكرها في مواضيع رواياتهم امثال الكاتب الامريكي (ستيفن كينغ).